الدين ويقيد ويلبس جبة على جسده. فلما ضاق عليه الأمر عمد إلى خشبة وعمل فيها حبلا وجعله فى عنقه وشنق نفسه وهو فى السجن مات، ودفن هناك فكان كما قيل فى المعنى:
احذر معاشرة الملوك ولا تكن … ما عشت بالتقريب منهم واثقا
فالغيث غوثك إن ظمئت وربما … ترمى بوارقه إليك صواعقا
ومما يحكى عن كريم الدين هذا أنه شرب يوما دواء، فجمع كل ورد بالقاهرة ففرشه فى داره حتى على كراسى بيت الخلاء، وداس الناس منه ما داسوا وأخذوا منه ما أخذوا، ثم إن الغلمان والعبيد أخذوا منه ما فضل فباعوه بثلاثة آلاف درهم وهذه الحكاية من بعض وقائعه الحسنة وفيه يقول ابن نباتة المصرى.
يا كريم قد وافق الاسم بالفعل … وانسى فى الفضل كل قديم
لا لحظ نبوة الحوادث فالله … كريم يحب كل كريم
وقيل: إن الملك الناصر محمد بن قلاوون قبل أن يعمر الخانقاه رأى النبى ﷺ فى المنام وأشار عليه فى المنام بأن يبنى هناك هذه الخانقاه فى هذا المكان سرياقوس وأشار عليه أن يجعل شيخ الخانقاه مجد الدين كما رأى فى المنام.
[ثم دخلت سنة إحدى وعشرون وسبعمائة]
فيها: ابتداء الملك الناصر عمارة الخانقاه المباركة بسرياقوس فلما كملت عمارتها توجه السلطان إلى هناك وعمل وليمة عظيمة، وحضر فيها القضاة الأربعة وأعيان الناس ومشايخ الصوفية، ثم إن السلطان رتب بالخانقاه صوفية وجعل الشيخ مجد الدين الأقصرائى شيخ الخانقاه، ورتب فيها الحضور من بعد العصر، ثم تزايدت فى العمارة حتى صارت مدينة مستقلة ورغب أكثر الناس فى سكانها إلى الآن فى عصرنا، وكان سببها ما تقدم ذكره من رؤية النبى ﷺ فى المنام.
[وفى سنة أربع وعشرون وسبعمائة]
فيها: أمر السلطان الملك الناصر محمد بحفر الخليج الناصرى من عند موردة الجبس إلى القنطرة الجديدة، ووزع حفره على الأمراء بالقصبة الحاكمية وذلك بمقتضى إقطاعاتهم التى تروى من هذا الخليج، فاحتفلوا به كل الاحتفال وحفروه حتى تبع الماء من أرضه وانجز العمل منه فى مدة شهرين.