لا تأمنن الدهر وهو مسالم … سلس القياد فقد يعود محاربا
واحذر تقلبه ولا تعجب له … إن أركب الماشى وأمشى الراكبا
وقال بعضهم فى المعنى:
كم حاربتنى شدة بجيوشها … وضاق صدرى من لقاها وانزعج
حتى إذا أيست من خلاصها … جاءتنى الألطاف تسعى بالفرج
فأقام الملك الكامل ثلاثة أيام محبوسا ثم أن أخاه حاجى أرسل إليه فى خنقه وهو فى السجن فمات فى ليلة الخميس ثالث من جمادى الأخرة سنة سبع وأربعين وسبعمائة.
فكانت مدة سلطنته بمصر سنة وشهرين ونصف الشهر. وكان أشقر اللون، أزرق العينين مجدر الأنف، أصفر الوجه قبيح الشكل والفعل. ولما مات دفن عند أقاربه فى القبة التى بين القصرين. وفى ذلك يقول الصلاح الصفدى:
بيت قلاوون سعاداته … فى عاجل كانت بلا آجل
حل على أملاكه للردى … دين قد استوفاه بالكامل
١٨ - ذكر سلطنة الملك المظفر حاجى بن الملك الناصر محمد بن قلاوون (١)
وهو الثامن عشر من ملوك الترك وأولادهم وهو السادس من أولاد الناصر محمد بن قلاوون، وكان مولده فى سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، وكان أبوه الناصر محمد فى الحجاز، فولد فى طريق الحجاز عند العودة فسماه حاجى، تسلطن بعد خلع أخيه الملك الكامل شعبان فى يوم الاثنين مستهل جمادى الأخر سنة سبع وأربعين وسبعمائة وفيه يقول الشيخ جمال الدين بن نباته:
يا إمام الورى مضى نصف عام … لم أنل فيه من وصولى ربع
سنة إن غفلت عنى فيها … كسرتنى وكيف لا وهى سبع
(١) انظر المزيد فى: الدرر الكامنة ٢/ ٣، البداية والنهاية ١٤/ ٢١٩، بدائع الزهور ١/ ١٨٧، النجوم الزاهرة ١٠/ ١٤٨ - ١٧٤.