للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يعطوا لكل حرفوش منهم فى اليوم رطلين خبز. وكانت الأقوات قد عزت إلى الغاية فما رأى أحد من الفقراء يسأل من بعد ذلك فى مدة هذه الغلوة.

وكانت هذه الغلوة فى سنة ستين وستمائة فى أوائلها.

[ثم دخلت سنة إحدى وستون وستمائة]

فيها: ختن السلطان ولده الملك السعيد محمد المدعو "بركة" ورسم للأمراء والجند والقضاة وأعيان الناس والأعوام والفقراء، وأن كل من كان له ولد يحضر به إلى عند السلطان، وأشهر المناداه بذلك فاحضر الناس أولادهم إلى عند السلطان فبلغ عدتهم ألف وستمائة وخمسة وأربعين ولدا خارجا عن أولاد الأمراء والجند، فرسم لكل واحد منهم ملبسوه على قدر مقام أبيه، ورسم لأولاد العوام لكل واحد منهم بدينار ورأس غنم وكسوة وختن الجميع مع ابن السلطان، وكان له مهم عظيم لم يسمع بمثله. وذلك فى عاشر ذى القعدة من السنة المذكورة.

[ثم دخلت سنة اثنتين وستون وستمائة]

فيها: أمر السلطان بإبطال صمان الحشيش وإراقة الخمور وخراب بيوت المسكرات ومنع الخانات من الخواطى واستتوب العلوق واللواطى، وعم هذا الأمر سائر أقطار الديار المصرية حتى البلاد الشامية فطهرت فى أيامه تلك البقاع من جميع المنكرات وخرج على ذلك غاية التخريج. ثم أحضروا إليه فى أثناء هذه الواقعة بشخص يسمى "ابن" الكازرونى وهو سكران فأمر بصلبه فصلب وعلقت الجرة فى عنقه. فلما رأى ذلك أهل المجون والخلاعة فامتثلوا بالسمع والطاعة، وفى ذلك يقول شمس الدين بن دانيال:

لقد كان حد السكر من قبل صلبه خفيف الأذى … إذ كان فى سرعنا جلدا

فلما بدا المصلوب قلت لصاحبى ألا تب فإن … الحدّ قد جاوز الحدّ

وقال الأديب إبراهيم بن المعمار فى هذا المعنى من زجل لطيف منه، هذه الأبيات وهى المقصودة من الزجل.

منعونا ماء العنب يا أسين … رب سلم لا يمنعونا التين

<<  <   >  >>