وفى هذه السنة: تأخر المحمل الشريف ولم يخرج من القاهرة إلى يوم الثانى والعشرين من شوال ولم يعهد بأن المحمل تأخر مثل هذه السنة، وكان أمير المحمل فى تلك السنة تكبية الأزدمرى أحد الأمراء المقدمين.
وفى أواخر هذه السنة: زاد شر العربان فى البحيرة ونهبوا البلاد التى حولها وأخذوا المقل التى كان بها فرسم السلطان بإخراج تجريدة، وعين من الأمراء المقدمين عشرة من الأمراء الأربعينات والعشروات أربعة عشر أميرا، ومن المماليك السلطانية ثلاثمائة مملوك، وخرجوا إليهم مسرعين من غير تهاون.
[ثم دخلت سنة خمس وثمانمائة]
فيها: رسم السلطان للأتابكى بيبرس بأن يتوجه إلى ثغر دمياط هو وحريمه، وأن يخرج من يومه، وطلع الأمراء وتكلموا مع السلطان بسببه، فبطل أمر سفره إلى دمياط. وكان سبب ذلك أنه تعصب للأمير نوروز الحافظى والأمير جكم العوصى وشفع فيهما من التقى فشق ذلك على السلطان وكمن له فى نفسه.
[ثم دخلت سنة ست وثمانمائة]
فيها: اضطربت أحوال الديار المصرية وكثر الفساد فى البر والبحر وقويت رؤوس العربان فى البلاد، وعصت الفلاحين عن وزن الخراج وخامروا أكثر النواب بالبلاد الشامية وصار الأمراء كل يوم فى خلاف بينهم، واستمر الأمراء كل يوم يتزايدون إلى أن دخلت سنة ثمان وثمانمائة.
فيها: ضاق الأمر على الملك الناصر فرج حتى كادت تزهق نفسه فهزا فلما كان يوم الأحد خامس عشرين ربيع الأول من سنة ثمان وثمانمائة نزل السلطان الملك الناصر من القلعة بعد الظهر واختفى فلم يعلم له مكان.
فلما بلغ الأمر ذلك ركبوا وطلعوا إلى القلعة فلما اجتمعوا ضربوا مشورة فيمن يسلطنونه فاجتمع رأيهم على سلطنة أخيه عبد العزيز فطلبوه من الدور السلطانية وسلطنوه ولقبوه الملك المنصور. فكانت مدة سلطنة الملك الناصر فرج بن برقوق فى هذه المرة ست سنين وخمسة أشهر وعشرة أيام، ثم عاد إلى المملكة كما سيأتى ذكر عوده فى موضعه.