للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ذكر عود الملك الصالح المنصور أمير حاج بن الأشرف شعبان إلى السلطنة]

وهى السلطنة الثانية فلما تسلطن غيروا لقبه ولقبوه بالملك المنصور، وهذا لم يتفق لغيره من الملوك فى تغير لقبهم بعد أن تسلطن ثانى مرة، فإن الملك الناصر محمد بن قلاوون أعيد إلى السلطنة ثلاث مرات ولم يغيروا لقبه. ثم أحضروا له خلعة السلطنة فركب بشعار الملك من الحوش السلطانى إلى القصر الأبلق. ونودى باسمه فى القاهرة وضج الناس له بالدعاء. فلما كان يوم الخميس عمل السلطان الموكب وطلع الأمراء إلى القلعة فقبض الأمير يلبغا الناصرى على جماعة كثيرة من الأمراء، وهم تسعة أمراء مقدمين ألوف، وقبض على أربعين أميرا ما بين أربعينات وعشروات ثم أفرج عن جماعة من الأمراء المسجونين بثغر الإسكندرية، هذا ما كان من أمر الملك المنصور بعد عوده إلى السلطنة، وأما ما كان من أمر الملك الظاهر برقوق فإنه أقام مختفيا إلى يوم الثلاثاء ثالث جمادى الآخرة فحضر مملوك أبو يزيد الخازن واسمه سنقر إلى عند الأمير يلبغا الناصرى وقال له: إن السلطان برقوق مختف عند أستاذى فى بيت شخص خياط. فطلب يلبغا الناصرى أبا يزيد وقرره عن ذلك فأقر به. فقال له يلبغا أما سمعت المناداة أن من خب السلطان برقوق عنده كانت روحه قبالة ذلك. فقال أبو يزيد الناصرى: نعم ولكن ما فعلت ذلك إلا وقد فزعت عن روحى. قال السلطان برقوق: كان له على فضل كبير، فلما جاء إلى بيتى ما قدرت أخالفه. فقال يلبغا الناصرى: انزل واحضره وأرسل معه الأمير ألطنبغا الجوبانى بمفرده، فلما وقعت عيناه على السلطان برقوق جرى ألطنبغا وقبل يد السلطان برقوق وقال له: يا مولانا السلطان أنت أستاذنا كلنا ونحن مماليك قاطبة، وما يصيبك إلا ما يصيبنا. فعند ذلك قام برقوق من وقته ولبس على رأسه عمامة تطيلين من فوقها بطيلسان وركب فرسا وإلى جانبه الأمير الطنبغا الجوبانى ومعهما أبو يزيد فى البرسيم.

فلما طلعوا به إلى الرملة طلع من باب السلسلة إلى القصر الأبلق فحبس فى قاعة الفضة المطلى سبايكها على الإيوان.

ثم إن الأمير يلبغا الناصرى قال لأبى يزيد احضر لنا ما كان مع السلطان برقوق من المال، فأخرج له كيسا فيه ألف دينار. وقال له: ما أودع عندى غير هذا. فقال له يلبغا:

خذه لك ومثلك من يحفظ صحبة الملوك وأخلع عليه ونزل إلى بيته.

<<  <   >  >>