إلى دمياط فخرج تحت الليل من غير قيد ولا أوجاقى خلفه، كما جرت به العادة، وبالغ السلطان فى تعظيمه واحترامه إلى الغاية.
فلما وصل إلى دمياط لم يسجن بها وصار يركب ويسير بها، وأقام على ذلك مدة، وهو فى أحسن حاله إلى أن حسن له بعض الجهال أن ينسحب من ثغر دمياط فتسحب منها وأراد أن يتوجه إلى نحو البلاد الشامية، وكان غالب الأمراء والعسكر فى البلاد الحلبية بسبب سوار لما خرج على الطاعة كما سيأتى ذكره فى موضعه. فلما وصل السلطان تمربغا إلى قرب مدينة غزة خرج إليه نائب غزة الأمير أرغون شاه فمسكه فى أثناء الطريق، فأرسل إليه السلطان الأمير يشبك الدوادار فقبض عليه وتوجه إلى ثغر الإسكندرية، فأقام بها من غير سجن ولا تقييد وكان ذلك علما من السلطان قايتباى، فأقام الظاهر تمربغا فى ثغر الإسكندرية إلى أن مات فى أثناء دولة الأشرف قايتباى فكان كما قال القائل فى المعنى.
فغض الطرف أنك من تميزه … فلا سعد أبلغت ولا كلاباه
انتهت أخبار دولة الملك الظاهر تمربغا على سبيل الاختصار.
٤٢ - ذكر سلطنة الملك الأشرف أبو النصر سيف الدين قايتباى المحمودى الظاهرى (١)
وهو الحادى والأربعون من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية، وهو الخامس عشر من ملوك الجراكسة، كان أصله جركسى الجنس، جلبه الخواجا محمود إلى الديار المصرية فاشتراه منه الأشرف برسباى فى سنة تسع وثلاثين وثمانمائة، ثم انتقل بعد موت الأشرف برسباى إلى ملك الملك الظاهر جقمق، فأعتقه وجعله خاصكيا، ثم بقى بعمله الدوادار، ثم بقى أمير عشرة فى أثناء دولة الأشرف أينال، ثم بقى أمير أربعين شاد السربخاناه الشريفة فى دولة الظاهر خشقدم، ثم بقى مقدم ألف رأس نوبة النواب ثم بقى أتابك العساكر فى دولة الظاهر تمربغا، فأقام على ذلك مدة يسيرة، فلما جرى للملك الظاهر تمربغا ما تقدم ذكره، وخلع من السلطنة فتولى الأتابكى قايتباى عوضه كما تقدم وذلك فى يوم الاثنين
(١) انظر المزيد فى: بدائع الزهور ٢/ ٩٠ - ٣٠٣، تاريخ المماليك ١٥٧، تاريخ الكعبة ١٣٨.