تانى بك أمير مجلس وغير ذلك من الأمراء المقدمين والعشراوات والمماليك السلطانية وتوجهوا إلى قتال عساكر ابن عثمان وخرج معهم نائب الشام ونائب حلب وبقية النواب واتقعوا مع عسكر ابن عثمان فحصل بينهم قتال شديد وقتل جماعة كبيرة من الفريقين وانكسر عسكر ابن عثمان وأسروا أمراءه وقطعوا رؤوس جماعة كثيرة من عسكره، فلما حصلت هذه النصرة توجه الأمراء إلى نحو الديار المصرية وكان يوم دخولهم إلى القاهرة يوما مشهودا، ودخل الأتابكى أزبك أمير كبير فى موكب عظيم، فلما استقروا بالقاهرة تحرك المماليك الأجلاب على السلطان وطلبوا منه نفقة بسبب هذه النصرة التى حصلت، فامتنع السلطان من ذلك، فقصد المماليك أن يركبوا على السلطان، فعند ذلك طلب السلطان الخليفة والقضاة الأربعة وسائر الأمراء من الأكابر والأصاغر، فلما تكامل المجلس قال السلطان للقضاة أشهدوا على أنى خلعت نفسى من الملك وقام وفكك إزاره فعند ذلك ضج الناس ولم يتمكن من ذلك وتدخل عليه القضاة والأمراء ثم إن المقر السيفى تمراز الشمسى أمير سلاح مشى بين المماليك وبين السلطان فى أمر الصلح وعلى أنه يعطى المماليك لكل واحد خمسين أشرفيا كانوا قد صمموا على أن يأخذ كل واحد مائة دينار فتراضوا على ذلك ثم إن القضاة والخليفة جددوا للسلطان مبايعة ثانية وكان ذلك فى يوم السبت رابع ربيع الآخر من سنة أربع وتسعين وثمانمائة بالحوش السلطانى، ثم انفض المجلس على ذلك.
ثم إن السلطان أمر بأن يؤخذ من الأوقاف والأملاك التى فى مصر والقاهرة أجرة شهرين حتى ينفقها على المماليك بسبب ما تقدم ذكره. فشرعوا فى جمع ذلك فجمع ونفق على المماليك حسبما تراضوا عليه.
[ثم دخلت سنة خمس وتسعون وثمانمائة]
فيها: جاءت الأخبار بأن ابن عثمان أرسل عسكرا ثقيلا فى البر والبحر، فلما بلغ السلطان ذلك عين الأتابكى أزبك باش العساكر وصحبته من تقدم ذكره من الأمراء والنواب فخرجوا إليه فى عسكر ثقيل واطلاب عظيمة وكان يوم خروج الأمراء من القاهرة يوما مشهودا، فلما وصلوا إلى عسكر ابن عثمان اتقعوا معهم وقعة عظيمة وقتل من عسكر ابن عثمان خلق لا تحصى عددهم وأسروا من امرائه وعسكره والذى قتل هناك أكثر، وأرسل الأتابكى، أزبك إلى القاهرة نحو ثلاثمائة رأس من رؤوس من قتل من عسكر ابن عثمان فطافوا بهم فى القاهرة. ثم إن العسكر لما حصلت لهم هذه النصرة توجه إلى نحو