للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفى هذه السنة وهى سنة ثمان وستون وسبعمائة: كانت وفاة الشيخ جمال الدين بن نباتة المصرى صاحب الأشعار اللطيفة الذى فاق بها على من تقدمه من الشعراء وكان مولده فى سنة ست وثمانين وستمائة فكانت مدة حياته اثنان وثمانين سنة ومن شعره لنفسه وهو قوله:

اصغى لما قال آخر وقنكم … وخل عنك اليوم ما قيلا

واسمع مقاطيعا له اطربت … ولا تقل الا مواصيلا

[ثم دخلت سنة تسع وستون وسبعمائة]

فيها: فى يوم الجمعة سادس شهر صفر ركب مماليك يلبغا على السلطان ودخلوا إلى بيت الأتابكى أسندمر الناصرى فقال لهم ما قصدكم؟ فقالوا له: أمسك الأمراء الذين استقروا جديدا وهم:

الأمير ازدمر العمرى الناصرى أمير سلاح والأمير بيرم العرى الدوادار والأمير بيبغا القوصونى أمير أخور كبير والأمير الطنبغا اليلبغاوى رأس نوبة كبير وغيرهم من الأمراء الطبلخانات والعشروات، فمسكهم الأمير الأتابكى أسندمر وقيدهم وأرسل منهم جماعة إلى ثغر الإسكندرية، وأرسل الأمير أزدمر أمير سلاح إلى الصبية فسجن بها واستمر مماليك يلبغا لا بسين آلة الحرب إلى يوم السبت، فقالوا للأتابكى أسندمر: امسك بالسلطان. وكان الأتابكى أسندمر مع مماليك يلبغا فى غاية الذل والقهر. فلما بلغ السلطان ما قاله مماليك يلبغا فنزل إلى الحراقة التى بالأسطبل السلطانى ودقت الكوسات حربى واجتمع الأمراء كلهم بسوق الخيل والعسكر وأولاد الناس واجتمع من العوام والرعر السواد الأعظم لأجل قتال مماليك يلبغا لأنهم كانوا طغوا وتمردوا وجاروا على الناس حتى صاروا يأخذون نساء الناس من الحمامات وينهبون أموال الناس من الدكاكين ويأخذون بضائع الناس بلاش فبغضهم الناس أجمعين، فلما دقت الكوسات حربى وطلع الأمراء إلى الرملة فجاء مماليك يلبغا إلى الأتابكى أسندمر وركبوه وتوجهوا به من وراء القلعة وأتوا به من [جهة] (١) وأقبلوا على السوة لا فيهم العوام والرعر بالمقاليع والحجارة فألقى أسندمر الرعب فى قلوب مماليك يلبغا فهربوا وانكسر الأتابكى أسندمر وقتل من مماليك يلبغا جماعة كبيرة ومسكوا الأتابكى أسندمر وأحضروه إلى بين يدى السلطان فلما حضر بين يديه تكلم الأمراء مع السلطان وعرفوه أن الأتابكى مظلوم مع مماليك يلبغا وأنهم أركبوه بالغصب على رغم


(١) إضافة من عندنا للسياق مع المعنى.

<<  <   >  >>