للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ثم دخلت سنة إحدى وتسعمائة]

فيها: استقر كل واحد من الأمراء فى وظيفة كما تقدم ذكره.

وفيها: نفق السلطان على العسكر نفقة كاملة حتى على الخدام وأولاد الناس، وكانت هذه النفقة فى غير سبب ولا موجب لذلك فقيل فى رواية أن السلطان قال:

أيا ما نفقت على العسكر لما سلطنه شئ وهذه النفقة عوضا عن ذلك. وكان السلطان قد أخذ فى التضعف فى جسده، وفى رواية أخرى أن السلطان كان قصده إظهار الأمير قانصوه خمسمائة وكان له به عناية فى الباطن فينفق هذه البقعة حتى أرضى العسكر بذلك وكانت هذه النفقة مهيبة قاعدة وهى الحميمة أشهر الذى كان أخذها فى الأملاك والأوقاف بسبب ابن عثمان.

فلما خمدت الفتن من جهة ابن عثمان نفقها على مماليكه فضاعت فى البطال لا هى أنفقت فى دفع عدو ولا هى انفقت فى مصالح المسلمين بل ضاعت فى غير موجب ولا أتمه الله تعالى عند الموت أن يرد بها إلى أربابها وعمى عنه هذه السنية العظيمة لأنه شوش على جماعة كثيرة وصادر تجارا وأعيان الناس حتى اليهود والنصارى وحصل لهم الضرر الشامل بسبب ذلك، وقد تقدم أن الأشرف برسباى فبادر أولاد الناس من أجناد الحلقة بسبب خارجى تحرك عليه، فلما جمع منهم الأموال دخل عليه الضعف وسلسل فى المرض فأوصى عند الموت أن يرد إلى كل ذى حق حقه، فرد على أولاد الناس ما أخذ منهم وسطر ذلك فى صحيفته.

وفى أواخر هذه السنة: ظهر المقر السيفى قانصوه خمسمائة وطلع إلى القلعة وذلك فى شهر شوال من السنة المذكورة، فلما طلع إلى القلعة أمره السلطان أن يحمل تحت إبطه ثوبا بعلبكيا حتى يرق قلب العسكر عليه، يعنى جاء بكفنه تحت إبطه، فلما وقف بين يدى السلطان أخلع عليه ونزل إلى بيته فى موكب عظيم وكان معه الأتابكى تمراز والأمير آقبردى الدوادار فأوصلاه إلى بيته وذهبا، وكان الأمير قانصوه خمسمائة مختفيا من حين ركب على الأمير آقبردى وتوجه إلى بيت الأتابكى أزبك كما تقدم، وكانت هذه أولى الفتن من أواخر سنة تسعمائة ومازال الأمر يتزايد إلى أوائل سنة أربع وتسعمائة كما سيأتى ذكره فى موضعه. فلما ظهر الأمير قانصوه خمسمائة ونزل إلى بيته فلم يلبث إلا قليلا ثم وثب المماليك الأجلاب على الأمير آقبردى الدوادار وحاصروه وهو فى بيته، فلما وصل الكلام إلى السلطان

<<  <   >  >>