فلما سكنت الفتنة وراق الوقت طلع الأمراء إلى عند السلطان فى القلعة وجمعوا المماليك البرجية وأنزلوهم من الطباق وفرقوهم فى أبراج القاهرة التى فى السور وكانوا نحو أربعة آلاف وسبعمائة مملوك ورتبوا لهم ما يكفيهم من لحم وخبز وغير ذلك. وأقاموا فى الأبراج بحيث لا يركبوا ولا ينزلوا ثم إن الأمير كتبغا قبض على الأمير بيبرس الجاشنكير وقبض على صهره بكرغى وعلى اللقمانى وعلى جماعة من المماليك السلطانية، ثم أرسل الأمراء إلى السجن بثغر الإسكندرية ثم أفرج عن جماعة من الأمراء وهم. الأمير قفجق السلحدار والأمير عبد الله حامل الخبز والأمير عمر شاه السلحدار والأمير قرمش والأمير بورى والأمير لاجين جركس والأمير مغلطاى المسعودى والأمير كردى الساقى فصاروا من عصبة الأمير كتبغا.
[ثم دخلت سنة أربع وتسعون وستمائة]
فيها: فى عاشر المحرم ثار جماعة من المماليك الأشرفية فى الليل وفتحوا سوق السلاح وأخذوا ما فيه، وكسروا باب سعادة وأخذوا عدة اسطبلات الناس.
فلما أصبح الصباح قبض الأمير كتبغا على من فعل هذه الفعلة، فقطعت أيديهم وسمروا على الجمال وطافوا بهم وكانت عدتهم ثلاثمائة مملوك. فلما جرى ذلك سمع الأمراء وقالوا قد ضعف أمر المملكة وطمع المماليك فى السلطان لصغر سنه فوقع رأى الأمراء على خلع الناصر محمد بن قلاوون وسلطنة كتبغا، فخلع الناصر محمد من السلطنة وتولى كتبغا، فكانت مدة سلطنة الناصر محمد فى هذه المرة أحد عشر شهرا وأياما وهى السلطنة الأولى.