الشمع ثم ظهر بعد أيام فمسك وقيد وأرسل إلى السجن بثغر الإسكندرية، وكان المتكلم يومئذ الأمير يلبغا الناصرى والكلمة مجتمعة فيه فمسك جماعة من الأمراء مع أينبك وأرسلهم إلى السجن بثغر الإسكندرية وفى ذلك يقول ابن العطار.
من بعد عز قد ذل أينبك … وانحط بعد السمو من فتكا
وراح يبكى الدماء منفردا … والناس لا يعرفون أين بكا
ثم إن الأمير يلبغا استقر مقيما بالإسطبل السلطانى ستة أيام فطلع إليه الأمير برقوق العثمانى والأمير بركه الجوبانى وأنزلاه من الأسطبل إلى بيته ومسكا فى ذلك اليوم جماعة كبيرة من الأمراء وأرسلوهم إلى السجن بثغر الإسكندرية ثم إن السلطان استقر بالأمير برقوق أمير أخور كبير واستقر بالأمير بركة أمير مجلس واستقر الأمير يلبغا الناصرى أمير سلاح.
ولما حضر الأمير طشتمر الدوادار من الشام أخلع عليه واستقر أتابك العساكر، وأفرج عن جماعة كبيرة من الأمراء ممن كانوا فى السجن وأنعم عليهم بتقادم ألوف، واستمر الأمر ساكنا مدة يسيرة، فوقعت فتنة بين مماليك الأمير طشتمر الذى حضر من الشام وبين مماليك الأمير بركة الجوبانى ولبسوا آلة الحرب وتقاتلوا قتالا شديدا وذلك فى يوم عرفه.
فطلع الأمير طشتمر إلى عند الأمير برقوق أمير أخور، فلما طلع إلى عنده مسكه وأرسله إلى السجن بثغر الإسكندرية ومعه جماعة كبيرة من الأمراء فلما كان يوم الاثنين ثالث عشر ذى الحجة من السنة المذكورة أخلع على الأمير برقوق العثمانى واستقر أتابك العساكر بمصر عوضا عن الأمير طشتمر وخلع على الأمير أيتمش البجاسى واستقر أمير أخور عوضا عن برقوق ثم أقام الأمر على ذلك مدة يسيرة ومسك الأمير يلبغا الناصرى أمير سلاح. فعندها أرسل إلى السجن بثغر الإسكندرية وأخلع على الأمير إينال اليوسفى واستقر أمير سلاح عوضا عن يلبغا الناصرى.
[ومن الحوادث فى أوائل سنة ثمانين وسبعمائة]
فيها: وقع حريق بظاهر باب زويلة عند دار التفاح وعمل الحريق إلى البراد، ولو لم يكن السور على القاهرة لاحترقت، فركب الأمير بركة هو ومماليكه والأمير أيتمش النجاشى والأمير تغرى برمش حاجب الحجاب ومماليكهم معهم فاطفوا الحريق بعد ما قامت النار تعمل فى البيوت يومين بليالهما وفى ذلك يقول بعض الشعراء.