وفى أيامه: اضطربت أحوال الديار المصرية ووقع للحافظ هذا أمور يطول شرحها عن هذا المختصر. قيل كان الحافظ كثير الأمراض بالقولنج فصنع له شبرماه الديلمى الحكيم طبلا للقولنج، وقد وجد هذا الطبل فى خزائنهم عندما ملكها صلاح الدين يوسف بن أيوب، وكان هذا الطبل مركبا من المعادن السبعة، وكل واحد من السبعة مرصود فى وقته، وكان من خاصية هذا الطبل إذا ضربت عليه أحد خرج منه ريح، وهذه الفائدة كانت لنفع القولنج. فلما وجد فى الخزائن ضرب عليه بعض الأكراد فخرج منه ريح، فغضب من ذلك وكسره من حنقه فندم عليه صلاح الدين يوسف بن أيوب غاية الندم، ودام الحافظ فى الخلافة إلى أن مات فى جمادى الأخر سنة أربع وأربعين وخمسمائة، فكانت خلافته تسع عشرة سنة وسبعة أشهر، ولما مات استولى من بعده ابنه إسماعيل.
٩ - ذكر خلافة الظافر بالله أبى المنصور إسماعيل ابن الحافظ عبد المجيد بن المستنصر بالله العبيدى الفاطمى (١)
بويع بالخلافة بعد موت أبيه الحافظ فى جمادى الآخر سنة أربع وأربعين وخمسمائة، وهو التاسع من خلفاء بنى عبيد بمصر، وتولى الخلافة و- له من العمر سبع عشرة سنة، وكان يميل إلى اللهو والطرب، وكان قد هوى ابن وزيره عباس يسمى نصر، وكان ينزل إليه فى بعض الأوقات وينام عنده، فتكلم الناس فى حق الوزير بسبب ذلك، واتسع أمره بين الناس بهذا الكلام، فوبخ الوزير يوما ابنه نصر بسبب ذلك.
فلما نزل الظافر فى بعض الليالى على عادته إلى بيت الوزير ومعه خادم واحد لا غير، فلما نام عنده فقام ابنه نصر المذكور وقتله وارماه فى البئر ثم عرف أباه بما فعله. فلما أصبح الوزير توجه إلى قصر الخلافة على عادته وطلب الخليفة الظافر، فقال له بعض الخدام: ابنك نصر يعرف طريقه، ثم إن الوزير احضر
(١) انظر المزيد فى: الخطط ١/ ٣٥٧، النجوم الزاهرة ٥/ ٣١٩، الكامل ١١/ ٥٣ - ٧٢، بدائع الزهور ١/ ٦٤ - ٦٥، تاريخ ابن خلدون ٤/ ٧٣، وفيات الأعيان ١/ ٣٠٩، النجوم الزاهرة ٢٣٧/ ٥.