٣١ - ذكر سلطنة الملك الظاهر سيف الدين أبى سعيد ططر الظاهرى الجركسى (١)
وهو الثلاثون من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية وهو السادس من ملوك الجراكسة وأولادهم، وأصله من مماليك الظاهر برقوق اشتراه وأعتقه وجعله من جملة المماليك السلطانية ثم إنه التف على جكم العوضى نائب حلب، لما تسلطن جكم بحلب فى دولة الناصر فرج، فلما قتل جكم ولا يعلم من قتله، فالتف ططر على شيخ ونوروز الحافظى ودام معهما إلى أن قتل الناصر فرج وتسلطن الخليفة العباس، فبقى ططر أمير عشرة، ثم بقى أمير أربعين، ثم بقى مقدم ألف فى دولة المؤيد شيخ، ثم انتقل بعد ذلك بقى رأس نوبة النواب، ثم بقى أمير مجلس كل ذلك فى دولة المؤيد شيخ. فلما مات الملك المؤيد كان الأتابكى ألطنبغا القرمشى غائبا فى التجريدة فى البلاد الشامية لما عصى النواب، فلما تسلطن الملك المظفر أحمد بن المؤيد شيخ صار ططر نظام المملكة وجرد إلى الشام وصحبته الملك المظفر فى محفة والمرضعة معه. فلما دخل إلى دمشق قبض على الأتابكى ألطنبغا القرمشى وقجقار القردمى أمير سلاح وقبض على نائب الشام ونائب حلب وقتلهما بقلعة دمشق فعند ذلك عظمت شوكة ططر والتف عليه حشداشينه فقبض على جماعة كثيرة من المؤيدية، وحبسهم فى قلعة دمشق، فعند ذلك خلع المظفر أحمد وتسلطن عوضه، فعند ذلك تسامع حشداشينه الذين كانوا هربوا من الملك المؤيد شيخ وتفرقوا فى بلاد الشرق، فلما سمعوا بسلطنة ططر حضروا إليه والتفوا عليه فعند ذلك توجه ططر من دمشق إلى الديار المصرية فمرض فى أثناء الطريق فوصل إلى القاهرة وهو محسنك فى بدنه فطلع إلى القلعة فى موكب عظيم كما تقدم، فجلس على سرير الملك وحكم بين الناس عدة مواكب، ثم إنه ثقل فى المرض ولزم الفراش إلى أن مات فى يوم الأحد رابع ذى الحجة سنة أربع وعشرين وثمانمائة، وكان له من العمر لما مات نحو أربعة وخمسين سنة، ودفن بالقرافة الكبرى بجوار قبر الإمام الليث بن سعد ﵁. فكانت مدة سلطنته بالشام وبمصر ثلاثة أشهر وأياما بما فيها من توعكه وانقطاعه، ومات وقد تحمل فى هذه المدة اليسيرة ألم من قتله من الأمراء والمماليك المؤيدية، وقد مهد لغيره ثم إنه لما مرض عهد
(١) انظر المزيد فى: مورد اللطافة ١١٥ - ١١٦، بدائع الزهور ٢/ ١٣.