ولما كان يوم الأحد رابع عشرين شهر رمضان من السنة المذكورة توفى الأتابكى أزبك بن ططخ أمير كبير وكانت جنازته مشهودة، ونزل السلطان وصلى عليه ودفن فى تربة الأمير قانى باى الجركسى، ومات الأتابكى أزبك وقد ناف على الثمانين سنة من العمر، وكان أميرا مليا مهابا ذا شهامة وحرمة وكان كفئا للتجاريد وطرد العدو، وكان له همة عالية وكلمة نافذة، وهو الذى أنشأ الأزبكية المنسوبة إليه وقد تقدم ذلك وأصله من مماليك الأشرف برسباى الكتابية، فلما مات الأشرف وتولى الظاهر جقمق اشتراه من الأمير جاسون وصى الأشرف برسباى هو وجماعة كثيرة من المماليك واعتقهم فصاروا من معاتيق الملك الظاهر جقمق وتأمر فى أيام الملك الظاهر أمرية عشرة ثم بقى أمير أربعين ثم زوجه الملك الظاهر بابنته التى من بيت البارزى فماتت معه فتزوج بابنة الظاهر أيضا، فقامت معه إلى أن مات وكان الملك الأشرف قايتباى يعظم الأتابكى أزبك غاية التعظيم لكونه من حشداشنه وكان أكبر منه فى المنزلة ففاتته السلطنة عدة مرات، فتولى نيابة الشام فى دولة الملك الظاهر يلباى وأقام بها إلى دولة الملك الأشرف قايتباى فأحضره إلى القاهرة واستقر به أتابك العساكر بالديار المصرية وذلك فى سنة أربع وسبعين وثمانمائة فكانت مدته فى الأتابكية ثلاثين سنة، وفى أواخر يوم الأحد المذكورة إعلاه توفى المقر السيفى أزبك اليوسفى أمير مجلس، كان هو أيضا من معاتيق الملك الظاهر جقمق توفى هو والأتابكى أزبك فى يوم واحد وذلك بعد العصر من اليوم المذكور فنزل السلطان وصلى عليه أيضا فنزل السلطان فى ذلك اليوم مرتين فلما صلوا عليه فى سبيل المؤمنى رجعوا به إلى مدرسته التى أنشأها فى درب ابن البابا فدفن بها، وكان أميرا دينا خيرا كثير البر والمعروف قليل الأذى ومات وقد ناف فى العمر على الثمانين سنة ومات وهو طرخان مقيم فى بيته وقد أخرج السلطان تقدمته إلى الأمير أزدمر قبل موته بمدة يسيرة واستمر بطالا إلى أن مات وقد قيل فى المعنى:
يسعى ابن ادم فى قضا أوطاره … والموت يتبعه على اثاره
يلهو وكف الموت فى أطواقه … كالكبش يلعب فى بدى حزاره
يمشى وقد أنس الحوادث ليلة … فلربما تطرقه فى أسحاره
من راد يعلم كيف تصبح دارم … من بعده فلتصير بجواره
ولما مات الأتابكى أزبك وقع بين ولديه الناصرى محمد والأشرفى يحيى فترافعا قدام السلطان ووقع بينهما ما لا خير فيه، فقيل وجد له من الذهب العين ما ينيف على مائة