عامنا هذا وهو عام سنة خمس وتسعمائة وكان يكسر سد هذه البركة بعد الوفاء بأيام يسيرة ويكون يوم كسرها يوما مشهودا ويخرج الناس إليه بسبب الفرجة وكان يصنع بها حراقة نفط ووقده فى كل سنة وتكون بها ليلة من الليالى المعدودة فى الصيف والفرجة، وينفق فى تلك الليلة جملة أموال وتجتمع فى تلك الليلة مراكب عظيمة فى البرك ويتوجه الأمراء إلى بيت الأتابكى أزبك بسبب الفرجة، وقد أنشد فى ذلك الشيخ شمس الدين القادرى مقامة عظيمة تشتمل على نظم ونثر فى هذا المعنى، فمنها هذه الأبيات.
لا أزبك مولانا المقر عمارة … بها السعد يسموا النجوم السوابك
بمملكة الإسلام لم ير مثلها … ولا الناس طرافى جميع المماليك
بها جامع للحسن أصبح جامعا … يقربه الغبار من كل ناسك
به شرقت تلك العمائر واعتدت … مكرمة عبد الملا والملايك
إذا قال قوم من أتابك للعلا … يقول لهم بسعد المقر الأتابك
وقد تقدمت هذه المقامة بتمامها وكمالها فى الكتاب المسمى "بنزهة الأمم فى العجائب والحكم"، ولما توجه الأتابكى أزبك إلى مكة انتقلت الوظائف من بعد ذلك إلى جماعة كبيرة من الأمراء وهم: المقر السيفى تمراز الشمسى قريب المقام الشريف اخلع عليه واستقر أتابك العساكر المنصورة بالديار المصرية عوضا عن الأتابكى أزبك وذلك فى مستهل شهر صفر سنة إحدى وتسعمائة، وأخلع على المقر السيفى تانى بك الجمالى واستقر أمير سلاح عوضا عن تمراز الشمسى وأخلع على المقر السيفى أزبك اليوسفى واستقر أمير مجلس عوضا عن تانى بك الجمالى وأخلع على الأمير شادى بك واستقر أمير أخور كبير عوضا عن المقر السيفى قانصوه خمسمائة وأخلع على المقر السيفى تانى بك قرا واستقر رأس نوبة النواب عوضا عن أزبك اليوسفى وأخلع على الأمير اينال الخسيف واستقر حاجب الحجاب عوضا عن تانى بك قرا، وأنعم على الأمير قانم قريب المقام الشريف بتقادم ألف وانعم على جماعة كبيرة من الأمراء بأمريات أربعين وأمريات عشرة، ثم ركب مع الأمير قانصوه خمسمائة واختفى.
وفى هذه الحركة عظم أمر آقبردى الدوادار الكبير وصار صاحب الحل والعقد بالديار المصرية واجتمعت فيه الكلمة.