للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مملوك وحضر مع كل أمير من مماليكه مملوك أو مملوكان لا غير وليس معهم خيل ولا برك ولا قماش ولا مال ولا شئ من الأشياء وكان سبب حضور السلطان على هذا الوجه أن العسكر المصرى لما اتقع مع عسكر تمرلنك مرتين، فأرسل تمرلنك يسأل السلطان فى الصلح وأن السلطان يطلق لتمرلنك قرابته اطلمش الذى أسر فى الواقعة فأحضر الأمراء وشاورهم فى أمر الصلح، فأبى الأمراء من الصلح، وقالوا: هذا حيل وخداع، فأرسل تمرلنك فى ليلة الجمعة رابع عشر جمادى الأولى قاصده إلى عند السلطان يسأل فى الصلح، فأقام عند السلطان إلى ثلث الليل، واتفق مع السلطان أن فى صبيحة يوم الجمعة ينعقد بينهما الصلح. وكان قبل ذلك بيومين هرب من عسكر السلطان جماعة من الأمراء وهم:

الأمير سودون الطيار والأمير قانى باى العلاى والأمير جقمق وجماعة من المماليك السلطانية.

فلما هربوا هاج وماج العسكر بعضهم فى بعض إلى وقت السحر من تلك الليلة وهى ليلة الجمعة اجتمع الأمراء وجاءوا إلى عند السلطان وركبوه بالغصب هو والخليفة والأمراء وبعض مماليك سلطانية، وهربوا تحت الليل من على الصالحية التى بدمشق وطلعوا من على عقبة هناك ونزلوا على ساحل البحر المالح وساروا إلى أن وصلوا إلى صفد، فأخذوا نائب صفد معهم وتوجهوا إلى غزة.

فلما دخل السلطان إلى غزة وجد الأمراء الذى هربوا من دمشق فى غزة فأقام السلطان فى غزة أياما حتى تراجع إليه بقية العسكر. ثم إنه قصد التوجه إلى الديار المصرية فدخلها على حين غفلة، فاضطربت الديار المصرية وماجت بأهلها حتى هموا بالهروب نحو بلاد الصعيد. ثم إن الأمير يلبغا الناصرى استادار العالية لما حضر السلطان والأمراء وهم لا برك ولا قماش، احضر للسلطان كسوة وكل ما يحتاج إليه وأرسل للأمراء لكل واحد كسوة على قدر مقامه، وأرسل للخليفة كسوة وكل ما يحتاج إليه، وكانت كسرة الملك الناصر هذه من الأمور الشنيعة فإن الأمراء وقع بينهم خلاف فى دمشق، فتوجه منهم جماعة إلى مصر، واتفقوا بأن يسلطنوا شخصا من الأمراء يقال له لاجين الجركسى، وكان السلطان صغير السن فضاعت أمور المسلمين حتى نفد القضاء والقدر كما قيل فى الأمثال،

من أنكر القضاء فهو مشرك … إن القضاء بالعباد أملك

وليس فى العالم ظلم جارى … إن كان ما يجرى. بحلم البارى

<<  <   >  >>