برقوق جميع بركهم وسلاحهم ودوابهم وماشيتهم وأموالهم وقتل منهم جماعة كثيرة من عسكر غزة وانكسروا كسرة قوية.
فلما جاءت الأخبار إلى الديار المصرية بما وقع للظاهر برقوق فإنه أشرف على أخذ دمشق، فاضطربت الأحوال ثم دخل نائب صفد وهو الأمير قطلوبك وأخبر أنه جاء هاربا من برقوق وكذلك نائب حماة وأمراء دمشق وأخبروا أن برقوق ملك دمشق فعند ذلك أمر الأتابكى منطاش بعقد مجلس وجمع فيه القضاة الأربعة وشيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقينى وسائر الأمراء من الأكابر والأصاغر حتى أمير المؤمنين وجماعة كثيرة من أعيان العلماء وأحضروا لهم فتاوى بما فعله الظاهر برقوق وكانت صفة السؤال. ما يقوله السادة العلماء فى رجل خلعه الخليفة وسجنه وقيده من غير ذنب، وقتل رجلا شريفا فى الشهر الحرام فى البلد الحرام من غير ذنب، واستحل أخذ أموال المسلمين بغير حق، ثم إنهم كتبوا من هذا السؤال عدة نسخ.
فأول من كتب على السؤال شيخ الإسلام سراج الدين البلقينى بأن الذى يفعل ذلك خارج ويجب على العالم قتاله. ثم كتب بقية القضاة والعلماء ما أفتى به شيخ الإسلام سراج الدين البلقينى ثم إنهم أرسلوا من هذا السؤال عدة نسخ وعليها خطوط العلماء إلى سائر البلاد المصرية والشامية.
ثم بعد أيام جاءت الأخبار من دمشق بأن برقوق بعد أن ملك دمشق ودخل إليها ونزل بالميدان الكبير كبس عليه أهل دمشق ورجموه وأخرجوه هاربا على وجهه، فاخلع منطاش على اليزيدى الذى جاء بهذا الخبر.
وسبب مجئ هذا الخبر أن السلطان برقوق لما تقاتل مع أهل دمشق وكسرهم أقام على قبة يلبغا أياما لم يدخل إلى دمشق حتى أتاه كمشبغا الحموى نائب حلب، فوجد السلطان برقوق فى خيمة صغيرة، خلقة فأحضر له كمشبغا نائب حلب خيمة كبيرة مدورة وأحضر له بيوتات بأوانيها محملة وأحضر له قماشا ومالا ورتب له كلما يحتاج إليه من أمر السلطنة حتى رتب له الحليلة برسم النوبة. وصار سلطانا كما كان أولا ثم إن الظاهر برقوق دخل إلى دمشق ونزل بالقصر الأبلق الذى بها ثم إن بعض المماليك عبث على بعض سوقة دمشق وأخذ منه شيئا بالغصب فأشار عليه فضربه ذلك المملوك فشجه فتعصب له أعوام الناس وضربوا ذلك المملوك فلما سمع خشداشيمه بذلك ركبوا على أهل دمشق