للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فبقيت فتنة عظيمة ورجموا السلطان برقوق بالحجارة حتى خرج من دمشق هاربا ونهبوا برك عسكره. فلما خرج برقوق من دمشق أقام فى قبة يلبغا هو ومن معه من الأمراء والنواب وأغلق أهل دمشق أبواب المدينة بعد ما كانوا فتحوها بالأمان، هذا ما كان من أمر الظاهر برقوق.

وأما ما كان من أمر منطاش فإنه تزايدت عظمته واجتمعت الكلمة فيه وصار إذا رسم بشئ لا يراجع فيه. فمن ذلك أنه رسم بأن يوحد من الأمراء المقدمين الألوف الذين هم مقيمون بالقاهرة من كل واحد منهم عشرة روءس خيل، ومن كل أمير أربعين خمسة روءس خيل، ومن كل أمير عشرة رأسين خيل، ثم أخذ من أعيان الناس من كل واحد على قدر مقامه وذلك بسبب التجريدة، فنفرت منه قلوب الأمراء والناس قاطبة بسبب ذلك وأمر والى القاهرة بأن ينادى بأن أحدا من الفقهاء ألا يركب فرسا، وكل من كان عنده فرس يحضر به إلى الاسطبل السلطانى ثم رسم بأخذ الخيول التى فى الطواحين، فأخذ جميع خيول الطواحين ويعطلون الناس من الدقيق، وصار الخبز ما يوجد وعز الدقيق فضجت الناس من ذلك، ثم إنه أمر بأن تسد أبواب القاهرة، فسدوا باب الفرج وخوجة أيدعمش، وأبواب القاهرة الصغار، فلما سد باب الفرج تفاءل الناس بزوال أمره ثم رسم لولى القاهرة بأن يقبض على المماليك الظاهرية من مماليك برقوق، فمسك منهم جماعة وسجنهم فحصل منه غاية الضرر وإخبار كل أحد عود الملك الظاهر برقوق، وصار منطاش يرتب حيلا ويحضر شخصا من العربان وعلى يده مطالعات دمشق بأن برقوق قد انكسر وقطعوا رأسه وقد وصلوا به إلى غزة، فتدق بسبب ذلك البشائر ثلاثة أيام، وكل هذه الأخبار كذب مصنوعة ليس لها صحة وإنما يقصد تطمين خواطر الناس.

فلما كان يوم الاثنين نفق السلطان الملك المنصور أمير حاج على العسكر نفقة بسبب التجريدة وعلق الجاليش وابن الخليفة فى الريدانية والنفقة على كل مملوك ألف درهم شامية ورسم لهم أن ينفقوا بوقهم فى ثمانية أيام.

فلما كان يوم الاثنين سابع عشر ذى الحجة خرج السلطان الملك المنصور من القاهرة وصحبته الخليفة المتوكل على الله والقضاة الأربعة والأتابكى منطاش وبقية الأمراء وأقام بالقاهرة الأمير صراى تمر نائب الغيبة ومعه جماعة من الأمراء المقدمين والطبلخانات والعشراوية فأقام فى الريدانية يومين ورحل منها ونزل العسكر شاة، فلما نزل بالعسكر شاة

<<  <   >  >>