وأما السلطان برقوق فإنه أقام بقاعة الفضة ورتبوا له سماطا وتركوا عنده مملوكين يخدمانه فأقام ليلة الخميس ثانى عشرين جمادى الآخر فطلع إليه الأمير الطنبغا الجوبانى وأخرجه فى ثلث الليل من باب القرافة وأركبه على حمير وتوجه معه إلى بركة الحجاج، ثم تسلمه عيسى بن مهنا (١) البدوى مع جماعة من العربان وتوجهوا به إلى نحو عجرود ثم أرسلوا صحبته مملوكين ليوصلوه إلى الكرك، فلما وصل إلى هناك أنزلوه فى مكان فى قلعة الكرك يعرف بقاعة النحاس، فأقام بها فكان كما قيل فى المعنى.
اصبر لدهر نال منك … فهكذا مضت الدهور
فرحا وحزنا تارة … لا الحزن دام ولا السرور
هذا ما كان من أمر الظاهر برقوق، وأما ما كان من أمر الملك المنصور أمير حاج بعد عوده إلى السلطنة، فإنه فى يوم الاثنين سادس عشرين جمادى الآخر من السنة المذكورة أخلع على من يذكر من الأمراء أرباب الوظائف وهو: الأمير يلبغا الناصرى واستقر أتابك العساكر المنصورة واستقر بالأمير الطنبغا الجوبانى رأس نوبة النواب، واستقر بالأمير قرادمرداش الأحمدى أمير سلاح، واستقر بالأمير أحمد بن يلبغا العمرى أمير مجلس على عادته، واستقر بالأمير تمرباى الحسنى حاجب الحجاب، واستقر بالأمير الأبغا دوادارا كبيرا، واستقر بالأمير آقبغا الجوهرى أستادار العالية وأنعم على جماعة كثيرة من الأمراء بتقادم ألوف وبأربعينات وعشروات واستقر منهم بجماعة نواب فى البلاد الشامية واستمر على ذلك مدة يسيرة.
فلما كان يوم الاثنين سادس عشر شعبان من السنة المذكورة: رحل الأمير الطنبغا الجوبانى على رأس نوبة النواب تمربغا الأفضلى منطاش أحد الأمراء المقدمين وكان ضعيفا، فلما دخل الأمير الطنبغا الجوبانى ليسلم عليه فمسكه منطاش ومن كان معه من الأمراء والمماليك ثم إن منطاش هو ومماليكه ركبوا ولبسوا آلة الحرب وكانوا نحو أربعين مملوكا وطلع إلى الأسطبل السلطانى وأخذ الخيول التى فيه ورجع إلى بيته ثم أمر مماليكه بأن يطلعوا على مدرسة السلطان حسن ويرموا على كل من يمر بسوق الخيل ونادى للعوام بأن ينهبوا بيت آقبغا الجوهرى استادار فنهبوه وأخذوا كل شئ فيه.