الخيول ودقت الكوسات حربى، وركب السلطان ومن معه من الأمراء وتوجهوا إلى نحو قبة النصر، فوقفه السلطان هناك وتقدم الأمراء إلى الريدانية فلم يقاتلوا شيئا، فأقام السلطان هناك إلى أخرا بها ورجع إلى الاسطبل السلطانى وبات فيه تلك الليلة فهرب من عنده فى تلك الليلة جماعة كبيرة من الأمراء والمماليك إلى عند يلبغا الناصرى، ولم يبق مع السلطان برقوق سوى الأمير سودون الفخرى النائب والأمير تمربغا المنجكى وسيدى أبو بكر بن سنقر الجمالى والأمير بيبرس التمان تمرى وسودون الطرنطاى وقجماس ابن عم السلطان وبعض مماليك، فأراد السلطان أن يسلم نفسه فمنعه الأمراء من ذلك فأقام إلى بعد العصر، فزحف عسكر يلبغا الناصرى إلى بين العروسين فنزل إليهم من القلعة بطا الخاصكى وشكرى باى الخاصكى، ومعهما نحو عشرين مملوكا، فكسروا جاليش عسكر يلبغا الناصرى وأبعدوهم إلى أخر الترب، وكاد يلبغا أن ينكسر فأرسل بركه وقماشه إلى عند المرج والزيات خوفا من الكسرة حتى إذا هرب يجده هناك.
فلما كان الليل تسحب من كان عند السلطان وتوجهوا إلى عند يلبغا ولم يبق عنده إلا بعض مماليك صغار، فعند ذلك طلب سيدى أبو بكر بن سنقر وبيدمر المحمدى وأرسلهما إلى عند يلبغا الناصرى وأرسل معهما النمجاة والترس وطلب من يلبغا الأمان على نفسه من القتل وكان ذلك خذلانا من الله للسلطان برقوق.
فلما وصل سيدى أبو بكر بن سنقر إلى عند يلبغا الناصرى ومعه النمجاه والترس وبلغه رسالة السلطان برقوق، فاعتذر إليه يلبغا الناصرى أنه لا يطيق أن يعطيه الأمان فإن بقية الأمراء ما يوافقوا على ذلك، ولكن قل للسلطان يختفى أياما حتى تنكسر حدة الأمراء والمماليك عنه.
وكان سبب عداوة يلبغا الناصرى مع السلطان برقوق لأن برقوق، قيد يلبغا الناصرى وأرسله إلى السجن بثغر الإسكندرية مرتين، المرة الأولى فى دولة الملك المنصور على بن الأشرف شعبان وكان يلبغا أمير سلاح، والمرة الثانية فى دولة السلطان برقوق فأرسل بالقبض على يلبغا الناصرى وكان نائب حلب واستقر بالأمير سودون المظفرى فى نيابة حلب وسجن يلبغا هناك ثم أفرج عنه وأعاده إلى نيابة حلب ثانى مرة، ثم أرسل ملكتمر المحمدى الدوادار إلى حلب وكتب معه مراسيم فى الباطن إلى سودون المظفرى بقتل يلبغا الناصرى، فلما بلغ يلبغا سبق وقتل سودون المظفرى وخرج يلبغا على الطاعة وخامر