وفيها: جاءت الأخبار بأن يلبغا الناصرى نائب حلب خامر وخرج على الطاعة وقتل سودون المظفرى الذى كان نائب حلب قبله، وقتل معه من المماليك أربعة أنفس. وسبب ذلك أن يلبغا الناصرى كان قد وقع بينه وبين سودون المظفرى كلام فج، فأرسل سودون يشتكى من يلبغا الناصرى عند السلطان مرات عديدة. فأرسل السلطان مع ملكتمر المحمدى ليصلح بينهما. فلما توجه ملكتمر المحمدى إلى يلبغا الناصرى، أرسل السلطان مع ملكتمر مرسوما إلى سودون المظفرى بقتل يلبغا الناصرى فى الدس، فلما شعر يلبغا بذلك خرج إلى ملتقى ملكتمر المحمدى وأدخله إلى دار السعادة وأقبل خلف سودون المظفرى أربع مرات وهو لم يحضر ثم حضر من بعد ذلك وهو لابس زردية من تحت ثيابه. وكان يلبغا ألبس مماليكه وأوقفهم ليقتلوا سودون المظفرى. فلما دخل سودون قال له شخص من مماليك يلبغا: يا أمير سودون الذى يطلب الصلح يدخل إلى دار السعادة وهو لابس من تحت ثيابه، فشتمه سودون، فسل مازان مملوك يلبغا الناصرى سيفه وضرب به سودون المظفرى فقتله، وقتل معه أربعة من المماليك فى دار السعادة، فلما قتل سودون المظفرى، أظهر يلبغا الناصرى العصيان بما يظنه والتف عليه تمربغا الأفضلى المسمى منطاش، هذا أصله من مماليك الظاهر برقوق واشتراه فى سنة سبع وثمانين وسبعمائة، ثم أعتقه وأخرج له خيلا وقماشا، فأقام على ذلك مدة ثم وقع منه أمر، فخاف من السلطان، فهرب منطاش إلى البلاد الشامية، والتف على يلبغا الناصرى لما خامر وأظهر العصيان. فلما رجع ملكتمر الدوادار أخبر السلطان بما جرى من يلبغا الناصرى. فلما كان يوم الأربعاء رسم السلطان بأن ينصب له فى الميدان الذى تحت القلعة صواوين ومدورة كبيرة، ونزل السلطان إلى الميدان وأرسل خلف الأمراء واشتوروا فى أمر يلبغا الناصرى وأبدا لهم ما وقع منه وأنه خرج على الطاعة، ثم بعد ذلك مد للأمراء سماطا عظيما فى الميدان فأكلوا، ثم عين الأتابكى أيتمش البجاسى باش العسكر ومعه ستة أمراء مقدمين ألوف وجاءت الأخبار بأن نائب حماه ونائب طرابلس ونائب صفد جميعهم خامروا مع يلبغا الناصرى والتف عليهم جماعة كثيرة من التركمان وغيرهم وهو قاصد نحو الديار المصرية، وقد وصل أوائل عسكره إلى الشام، ويقاتل مع أهل الشام أشد القتال وانتصر عليهم.
ثم جاءت الأخبار بأن أوائل عسكر يلبغا وصل إلى غزة وهو قاصد نحو القاهرة، فلما كان يوم الأحد خامس عشرين جمادى الأول من السنة المذكورة حضر آقبغا الشمسى الحاجب وأخبر بأن جاليش يلبغا الناصرى وصل إلى المطرية، فعند ذلك أمر السلطان بشد