للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسبب ذلك أن ملك الفرنج المسمى مرى لما أن نزل عند بركة الحبش وطمع فى أخذ مدينة الفسطاط فخاف الوزير شاور أن يملك الفرنج المدينة فأمر بحرقها ق فخربت وأقامت النار تعمل فيها أكثر من خمسين يوما حتى صار الدخان منها يرى من مسيرة ثلاثة أيام، فلما رأى ملك الفرنج ذلك خاف ورحل عن مصر وقصد التوجه إلى بلاده، وكان هذا الخراب مدينة الفسطاط وكان ذلك فى سنة أربع وستين وخمسمائة، وكان ذلك على يد الوزير شاور بن مجبر السعدى فمن حينئذ تزايدت القاهرة التى أنشأها المعز فى البناء والعمارة إلى يومنا هذا، ولما فعل الوزير شاور ما فعل تلاشى أمر الخليفة العاضد، وقويت شوكة بنى أيوب فقتلوا الوزير شاور بن مجبر السعدى ثم تولى عوضه أسد الدين شير كوه. أخوا أيوب ابن عم صلاح الدين يوسف بن أيوب وتلقب بالمنصور. فمن المؤرخين من عده من وزراء مصر، ومنهم من عده من ملوك مصر. ولما تولى على مصر فلم تطل أيامه بها ومات بعد مضى شهرين وقيل مات فجأة وذلك فى يوم السبت ثانى عشر جمادى الآخر من سنة أربع وستين وخمسمائة.

ثم تولى من بعده فى الوزارة صلاح الدين يوسف بن أيوب فلما تولى صلاح الدين يوسف ضعف أمر العاضد إلى الغاية. ثم إن الملك العادل نور الدين محمود بن زنكى صاحب الشام وهو المعروف بالشهيد، أرسل يقول لصلاح الدين يوسف بن أيوب أن يقطع اسم العاضد من الخطبة بمصر وأعمالها. فلما فعل صلاح الدين ذلك حصل للعاضد أمر عظيم بسبب ذلك ومات عقيب ذلك كما سيأتى ذكره فى موضعه.

قيل لما استولى صلاح الدين يوسف على حواصل الفاطميين بعد موت العاضد وتسلم القصرين بما فيهما من الأموال والتحف والسلاح وغير ذلك. فاستمر صلاح الدين يقبع من ذلك الحواصل عشر سنين غير ما اصطفاه لنفسه وغير ما أرسله إلى نور الدين الشهيد (١) بالشام ذكر ذلك العماد الكاتب (٢).


(١) هو محمود بن زنكى عماد الدين بن آقسنقر أبو القاسم نور الدين الملقب بالملك العادل ملك الشام وديار الجزيرة ومصر، وهو أعدل ملوك زمانه وأجلهم وأفضلهم، كان من المماليك (جده من موالى السلجوقيين) ولد فى حلب سنة ٥١١ هـ وانتقلت إليه إمارتها بعد وفاة أبيه سنة ٥٤١ هـ -

<<  <   >  >>