كمن جاء المأتم فى المصاب … وأضحى الناس فى قلق ولم لا
وقد ضاق الوجود بلا رحاب
كذلك هجا ابن إياس أحد رؤساء ديوان بيت المال ويعرف بركات الصالحى، وكان هذا الموظف المملوكى ظلوما فى جبايته للضرائب من أقواله فيه بعد وفاته.
بركات زاد الظلم فى أيامه … وعلى الورى قد جار فى توكيله
من أجله كان الهلاك بعامة … فمشى إلى نار الجحيم برجله
وعندما غمرت المصريين موجة من الغضب والاستنكار بسبب ما فرضه السلطان قايتباى سنة ٨٩٦ هـ من ضرائب وعزمه على جباية سبعة أشهر على ما بحوزتهم من الممتلكات على أن يدفع القسط الأول عن شهرين، ويدفع القسط الثانى عن خمسة أشهر دفعة واحدة.
وصف ابن إياس هذه الحادثة نثرا وضمنها أبياتا لشاعر معاصر للتعبير عما كان يستشعره الناس من هم وألم وقلق، وقال الشاعر المعاصر فى ذلك:
فعرفت شهرين عن أجرة مكانى أمس … وأصبحت مغموسا فى بحر المغارم غمس
اقسم ورب الخلائق والقمر والشمس … وما طقت شهرين كيف أقدر أطيق الخمس
هذه بالإضافة إلى أشعار كثيرة نظمها ابن إياس أو اقتبسها عن شعراء معاصرين تتناول مختلف المناسبات وتصلح كمصدر مهم يفيد مؤرخى الأدب كما يفيد الباحثين فى تاريخ مصر فى العصر التركى المملوكى من وجوه كثيرة. وأخيرا لابد من أن نشير إلى اللغة التى كتب بها ابن إياس تاريخه والإشارة إلى لغة المؤلف أمر يتصل بالحضارة ويكشف عن عمق المؤثرات الأجنبية ثم هو صورة لفعاليات شعبية أو فولكلور، فضلا عن الفائدة التى يجنيها الباحث فى دراسة تطور اللغة وعلاقة اللهجة المصرية بالفترة الزمنية التى كتب بها ابن إياس تاريخه.