للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يوم الاثنين ثانى ذى الحجة تسلطن الأتابكى جان بلاط (١) وطلع إلى الاسطبل السلطانى وأحضروا الخليفة والقضاة الأربعة وبايعه الخليفة ثم أحضروا له خلعة السلطنة فلبسها وركب وطلع إلى القصر وجلس على سرير الملك ويلقب بالملك الأشرف ونودى باسمه فى القاهرة وضج الناس له بالدعاء ودقت له البشائر، هذا ما جرى من بعد اختفاء الملك الظاهر قانصوه. ثم إن الظاهر قانصوه استمر مختفيا من حين نزل من القلعة وهو فى زى امرأة كما تقدم فصاروا يكبسون عليه البيوت والحارات فى كل يوم وليلة.

فلما كان يوم الأحد ثانى عشرين ذى الحجة: قبضوا على السلطان الملك الظاهر قانصوه من مكان فى الدير المعلق إلى سويقة صفية من بيت شخص من أولاد الناس يقال له محمد ابن أينال، فلما قبضوا على الظاهر قانصوه توجهوا به إلى بيت الأمير أزدمر أحد الأمراء المقدمين فأقام عنده حتى كتب وصيته ثم قيدوه وتوجهوا به إلى ثغر مدينة الإسكندرية وذلك فى ليلة الثلاثاء خامس عشرين ذى الحجة من السنة المذكورة فنزل فى مركب وكان المستقر عليه الأمير أزدمر فأوصله إلى ثغر الإسكندرية فسجن بها ورجع الأمير أزدمر إلى القاهرة. فكانت مدة سلطنة الملك الظاهر قانصوه بالديار المصرية سنة وثمانية أشهر وثلاثة عشر يوما وكان ملكا هينا لينا قليل الأذى وساس الملك فى هذه المدة أحسن سياسة، وقد انصلحت أحوال البلاد الشرقية والغربية على أيامه من فساد العربان وقمع المماليك عما كانوا يفعلون بالناس من الأذى، وكانت أيامه أحسن من أيام الملك الناصر محمد بن قايتباى. على كل انتهت أخبار دولة الملك الظاهر وذلك على سبيل الاختصار منها.

ثم انجزوا المبارك من "جواهر السلوك فى الخلفاء والملوك" تأليف فقير رحمة ربه الوفى محمد بن أحمد بن إياس الحنفى ونقل ذلك فقير رحمة ربه أحمد بن على البواب بالجامع الأزهر من نسخة مصنفها ومؤلفها على التمام والكمال، والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وسلم (٢)


(١) انظر المزيد فى: شذرات الذهب ٨/ ٢٨، بدائع الزهور ٢/ ٣٧٠.
(٢) هذا آخر المخطوطة.

<<  <   >  >>