قانصوه الألفى من بر الجيزة فدخلوا به إلى بيت آقبردى الدوادار الكبير فقيده وأرسله إلى السجن بقلعة صفد. وأما الأمير قانصوه الشامى فإنه طلب الأمان وظهر فأخلع عليه واستقر نائب حماة وخرج من يومه.
وأما الأمير قانصوه خمسمائة فاستمر مختفيا هو وجماعة كبيرة من الأمراء العشراوات ممن ركبوا معه. وأما الأتابكى أزبك فإنه أقام فى البحرة ثمانية أيام.
فلما كان يوم الجمعة رسم له السلطان بأن يصلى الجمعة فلبس الشاش والقماش وصلى هو والسلطان فلما فرغ من الصلاة أراد أن ينزل إلى بيته، فقيل له متى أن نزلت إلى بيتك يقتلونك عند باب المدرج فرجع ودخل إلى البحرة وبات بها، فلما أصبح يوم السبت ثامن ذى الحجة من سنة تسعمائة طلب من السلطان أن يتوجه به إلى مكة فأذن له فى ذلك فنزل من القلعة إلى الدبش وهو بتخفيفة صغيرة ونزل معه الأمير يشبك الجمالى إلى القدس فأقام بها مدة يسيرة ومات هناك فى أثناء سنة إحدى وتسعمائة.
وأما الأتابكى أزبك فإنه أقام فى مكة إلى أن عاد إلى القاهرة كما سيأتى ذكره فى موضعه، وكان الأتابكى أزبك أميرا مليا جليلا مهابا تولى الأتابكية من سنة أربع وسبعين وثمانمائة وأقام بها إلى أن توجه إلى مكة فى هذه الحركة وهو الذى انشأ الأزبكية المعروفة الآن. وكانت ساحة أرض خراب ذات كيمان وأرضها سبخة وبها أشجار زابلة.
وكانت هذه البقعة قديما عامرة تسمى قناطر اللوق وكان بها خليج جار من بحر النيل يسمى خليج الذكر وكان بها مكان يسمى التلة من جملة متنزهات القاهرة وكانت ذات أشجار وغيطان وقناطر وذلك فى سنة خمس وخمسين وستمائة، واستمرت على ذلك إلى دولة بنى قلاوون فتلاشى أمرها إلى الخراب من يومئذ وصارت مقطع طريق إلى أن حسن ننال الأتابكى أزبك أن يعمر هناك مناخا للجمال وكان ساكنا بالقرب من هذا المكان فلما عمر المناخ خلا له ذلك وأوسع فى العمارة ثم إنه حفر هذه البركة العظيمة وأجرى لها الماء من الخليج الناصرى وعمر القنطرة التى على فم البركة وعمر الرصيف الذى هو محيط بالبركة وعمر الجامع الكبير الذى بها الآن وعمر تلك القاعات والقصور والحمامات والربوع والقياصر وغير ذلك وكان مبتدأ عمارتها فى سنة إحدى وثمانين وثمانمائة ثم عمرت الناس على تلك البرك التى بها هذه العمائر العظيمة والآزات تتزايد فى العمارة إلى