للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيها: توجه الأمير يشبك الدوادار إلى نحو مدينة حماة بسبب سيف أمير عربان نعير لما خرج على الطاعة وأظهر العصيان فجرد إليه الأمير يشبك ومعه جماعة من الأمراء، وهم:

الأمير برسباى قرا أمير مجلس والأمير بانى بك قرا حاجب الحجاب وغيرهما من الأمراء العشروات والمماليك السلطانية، فلما توجه إلى حماه فهرب منه سيف الدين وعدى إلى بحر الفرات فتتبعه الأمير يشبك ومن معه من العسكر وأخذ معه نائب الشام المقر السيفى قانصوه اليحياوى ومعه العساكر الشامية ونائب حلب المقر السيفى أزدمر ومعه العساكر الحلبية ولذلك يفيد النواب وجمع معه عساكر عظيمة وعربان كثيرة، وكان قصد الأمير يشبك أن يأخذ مملكة حسن بك الطويل من يد ابنه يعقوب، فإن بعض الأعاجم حس للأمير يشبك ذلك وأوحى إليه أن مملكة العراق سايبة فى يد يعقوب بن حسن وأن عسكره مختلف عليه فطمعت آمال الأمير يشبك بذلك وحسن يناله أن ملك مملكة العراق وكان الأمير يشبك وقع بينه وبين المماليك الأجلاب قبل سفره وتعى متحيل منهم، فقصد أن يأخذ مملكة العراق وينفرد بها وطمع فى ذلك فكان كما قال القائل:

اتطمع من ليلى يوميل وانماه … فقطع أعناق الرجال المطامع

فلما عدى الأمير يشبك من الفرات وصل إلى مدينة الرها فحاصر قلعتها أشد الحصار وكان نائب الرها شخصا يسمى باينذر من بعض نواب يعقوب بن حسن بك الطويل فلما حاصر الأمير يشبك قلعة الرها أرسل إليه باينذر يسأله بمال يعطيه له وأنه يرحل عنهم، فلما سمع الأمير يشبك بذلك لم يوافق عليه وبقى مصمما على القتال فاتقع مع باينذر وقعة عظيمة فقتل بها جماعة كثيرة من العسكر المصرى والعسكر الشامى والحلبى ولم ينجوا منهم إلا من طال عمره، ثم أسر الأمير يشبك الدوادار والأمير برسباى قرا والأمير بانى بك قرا ونائب الشام ونائب حلب وبقية النواب والذى قتل كان أكثر، وكان ذلك فى شهر رمضان من السنة المذكورة. فلما أسر الأمير يشبك وأقام عند باينذر أياما ثم قطع رأسه وأرسل إلى يعقوب بن حسن بك وأرسل إليه النواب الذين أسروا والأمراء والعسكر أرسلهم إليه بأموالهم وسلاحهم وكانت مصيبة عظيمة على عسكر مصر لم يسمع بمثلها. وقيل إن الذى قتل الأمير يشبك الدوادار عبد أسود من عبيد باينذر فقطع رأسه فى الليل، وصارت جثته مرمية على الأرض والناس ينظرون إليها فسبحان من يعز ويذل وهو القادر، وقد قال بعضهم فى المعنى.

<<  <   >  >>