بفصوص بلخش وفيروز واتخذها بسق من ذهب ولؤلؤ وربض واحترف بأشياء كثيرة من هذا أعظم لم يسبق إليها، ولما رجع من الحجاز تزايدت عظمته وتضاعفت حزمته واجتمعت الكلمة فيه وصار صاحب الحل والعقد بالديار المصرية وفيه يقول على بن برد بك الشاعر.
يا طاهر الأصل يا سبط الملوك ومن … حاز الطهارة من أصل بوجهين
البحر جدك والإجماع منعقد … على طهارة ماء البحر والعين
واستمر الظاهر خشقدم فى السلطنة وهو فى أرغد عيش إلى أن مات على فراشه سيأتى ذكره فى موضعه، وكان ماشيا فى السلطنة على طريقة الملوك السالفة فى عمل المواكب، وبالقصر الكبير كان ينزل يوم وفاء النيل ويكسر السد بنفسه كما كان يفعل أستاذه الملك المؤيد شيخ، وكان كثير الرمايات فى بركة الحاج، وكان يلبس الأمراء الصوف فى المطعم ويدخل إلى القاهرة فى موكب عظيم والأمراء مشاة بين يديه وتزين لذلك القاهرة فى ذلك اليوم، وكان يدور المحمل فى شهر رجب على العادة القديمة وتزين لذلك القاهرة ثلاثة أيام ويخلع فيه على أرباب الوظائف من الأمراء والمتعممين وينفق فى هذه الحركة أموالا طائلة وكان السلطان فى آخر ليلة منه يحرق نفطا عظيما فى الرملة ويجتمع الناس للفرجة، كان جماعة من فرسان المماليك السلطانية وعدتهم أربعون مملوكا وأربعة نواب ومعلم يلعبون بالرمح على الخيل قبل تدوير المحمل بأربعين يوما ويأتون بأشياء غريبة فى بنود اللعب بالرمح تحير الناظرين، وكان يوم تدوير المحمل يطلعون إلى الرملة ويسوقون هناك مرتين مرة فى أول النهار ومرة بعد الظهر وهم لابسون الأحمر وعليهم آلة الحرب، وكان المعلم يومئذ الأمير قايتباى شاد السربخاناة الشريفة وكانوا عند فروغهم من اللعب ينزل الأربعون عن خيولهم ويبوسون الأرض للسلطان ثم ينزل الباشات الأربعة ويبوسون الأرض ثم ينزل المعلم ويبوس الأرض والسلطان ينظر إليهم من الجزخاناه التى فى القصر، وكان السلطان ينعم على المعلم فى ذلك اليوم بفرش وكبنوش وخلعة سنية وقد بطل ذلك من مصر مع جملة ما بطل من شعار المملكة.
وكانت أيام الظاهر خشقدم لهوا وانشراحا ولم يجئ على أيامه فضل ولا توجهت على أيامه تجريدة إلى بلاد الشرق سوى تجريدة إلى بلاد الفرنج. فأقامت مدة يسيرة وعادوا وهم سالمين، واستمر الظاهر خشقدم فى السلطة إلى أن مرض وسلسل فى المرض إلى أن مات فى