ذلك أمر بالقبض على الملك المنصور وحبسه فى قاعة بالبحرة وقبض على جماعة من الظاهرية منهم الأمير تمربغا والأمير قانباى الجركسى والأمير تيم المؤيدى وغيرهم من الأمراء، فقيدهم وأرسلهم إلى السجن بثغر الإسكندرية. وأما الملك المنصور فإنه أقام فى السجن إلى يوم الأحد ثامن عشرين ربيع الأول من السنة المذكورة فأنزلوه من باب القرافة وهو مقيد وخلفه أوجاقى وأرسلوه إلى السجن بثغر الإسكندرية وكان المتسفسر عليه خايربك الأشقر أمير أخور ثان بالديار المصرية فأوصله إلى ثغر الإسكندرية، ورجع فكانت مدة سلطنة الملك المنصور عثمان إلى يوم خلعه من السلطنة ثلاثة وأربعين يوما لا غير، فلم تساعده الأقدار كما قيل فى المعنى.
فلم يقم إلا بمقدار أن … قلت له أهلا وسهلا ومرحبا
واستمر الملك المنصور فى السجن إلى دولة الملك الظاهر خشقدم فرسم له بالإطلاق وأن يسكن فى بعض دور الإسكندرية واستمر على ذلك إلى دولة الملك الأشرف قايتباى فنقله إلى دمياط ورسم له بالركوب فى الجامع وإلى البيرة والعسكر، ثم إن الملك المنصور أرسل يسأل نقل السلطان فى أن يتوجه إلى الحجاز الشريف فأذن له فى ذلك، فحضر إلى القاهرة وهو فى غاية العز والعظمة فسافر إلى الحجاز وأنعم عليه السلطان بأشياء كثيرة، ثم عاد من الحجاز إلى القاهرة فأقام بها نحو شهر وكان يطلع إلى القلعة فيلعب مع السلطان الأكره فى المواكب وهو لابس كلوته وهو يبدو أصفر بلا طراز ذهب، وقد بالغ الملك الأشرف قايتباى فى إكرامه لكونه ابن أستاذه الملك الظاهر جقمق.
وكان أكبر الأمراء فى مماليك أبيه الملك الظاهر جقمق ولا سيما الأتابكى أزبك ابن ططخ كان صهره متزوجا بابنة الملك الظاهر جقمق وكان المقر السيفى تمراز الشمسى أمير سلاح متزوجا ببنت الملك المنصور عثمان، بهذا فساعدته الأقدار من كل جانب، فأقام فى القاهرة مدة ثم إنه طلب العود إلى دمياط فعاد إليها وأقام بها إلى أن مات فى أواخر دولة الملك الأشرف قايتباى، ونقل من دمياط بعد موته ودفن عند والده الملك الظاهر جقمق، ومات وقد ناف على الخمسين سنة من العمر. انتهت أخبار الملك المنصور عثمان على سبيل الاختصار.