ثم إن الأمراء أرسلوا يطلبون من الأمير بطا الأمان وحضروا إلى بين يديه فقيدهم وحبسهم بالقلعة هذا ما كان من أمر الديار المصرية بعد خروج السلطان الملك المنصور أمير حاج من القاهرة والأتابكى منطاش.
فلما كان يوم الجمعة بعد الصلاة حضر طبان العيسوى الخاصكى وأخبر بأن السلطان برقوق قد انتصر على الملك المنصور أمير حاج وقد وصل إلى غزة فدقت البشائر لذلك ثلاثة أيام. فكتب الأمير بطا مراسيم إلى سائر البلاد والثغور بنصرة الملك الظاهر برقوق وعودته إلى السلطنة. فلما كان يوم الاثنين حضر الأمير يزيد بن يسى العابدى وكان قد توجه صحبة الملك المنصور أمير حاج فأخبر بأن الملك المنصور لما توجه هو والأتابكى منطاش ولقيه الأمراء فلما وصلوا إلى شقحب تلاقوا مع الظاهر برقوق هناك، فحصل بينهم وقعة عظيمة لم يسمع بمثلها، وذلك فى يوم الأحد رابع عشر المحرم، وقتل فيها جماعة كثيرة من الأمراء والمماليك وانكسر الأتابكى منطاش وكان فى الجاليش. فلما انكسر العسكر توجه منطاش نحو دمشق. وأما الظاهر برقوق فإنه لما انكسر العسكر فصار لا يعلم الغالب من المغلوب فتوجه من وراء الجبل هو ومن معه من العسكر فوجد الملك المنصور هناك والخليفة والقضاة الأربعة والخزائن السلطانية والصناجق فأوقع الله تعالى الرعب فى عسكر الملك المنصور وغلت أيديهم عن القتال فعند ذلك احتوى برقوق على الخزائن والصناجق وكلما كان مع عسكر الملك المنصور ربما تراجع إلى برقوق الأمراء والنواب وبقية العسكر ممن كان من عصبته فبات تلك الليلة على شقحب فلما أصبح الصباح جاء الأتابكى منطاش فى عسكر عظيم من العسكر المصرى والشامى وخرج معه من دمشق السواد الأعظم بالمقاليع والحجارة فجرى بينهم وقعه أعظم من القتال الأول، واستمر القتال عمال من شروق الشمس إلى بعد الغروب فعند ذلك انكسر الأتابكى منطاش كسرة قوية وحصل بينهما مقتلة عظيمة، لم يسمع بمثلها، ثم إن الظاهر برقوق أقام تلك الليلة بشقحب - فلما أصبح الصباح جاء إلى الظاهر برقوق الشيخ الدين الصوفى من كبار العلماء وقرر مع الملك الظاهر برقوق بأن الملك المنصور أمير حاج دخل تحت طاعة الظاهر برقوق وأنه يخلع نفسه من الملك ويبايع الظاهر برقوق، فعند ذلك حضر الخليفة المتوكل على الله والقضاة الأربعة، وخلعوا الملك المنصور أمير حاج من السلطة وبايعوا برقوقا وتسلطن هناك فعند ذلك قصد التوجه إلى نحو الديار المصرية وكان قد وقع هناك غلاء عظيم وزحم وعدمت الأقوات والعليق حتى أبيعت كل بقسماطة بخمسة دراهم وكل قطعة سكر بعشرة دراهم، وعدم العليق حتى أبيع كل فرس