فلما تسامعت المماليك الأشرفية والظاهرية بأن الأمير منطاش ركب، فحضروا إلى عنده، فاجتمع عنده فى ذلك اليوم نحو خمسمائة مملوك فباتوا عنده تلك الليلة، فلما أصبح يوم الثلاثاء سابع عشر شعبان التف على منطاش جماعة كبيرة من العسكر فتكامل عنده نحو ألفين مملوك، فعند ذلك ركب منطاش على يلبغا الناصرى واتقع معه فى الرملة وجاءت إليه العوام والزعر بالمقاليع فكسروا يلبغا الناصرى مرتين ثم إن يلبغا الناصرى نصب مكاحل على مدرسة الملك الأشرف شعبان التى كانت فى أيامه، فلم يحصل لهم وقعة ولا أفاد منهم شيئا فلما رأى من كان حول يلبغا الناصرى أن حاله قد تلاشى فسحبوا من عنده وحضروا إلى عند منطاش ولم يزل العيال عمالة بين يلبغا الناصرى ومنطاش إلى يوم الخميس بعد العصر.
فلما رأى يلبغا الناصرى أن أمره فى إدبار وسحب أكثر من كان معه، فلما جاء الليل هرب يلبغا الناصرى من باب القرافة هو والأمير قرادمرداش الأحمدى أمير سلاح وأحمد بن يلبغا أمير مجلس وآقبغا الجوهرى أمير استادار وجماعة كبيرة من الأمراء والمماليك الذى كانوا من عصبة يلبغا الناصرى.
فلما خرجوا من باب القرافة توجهوا إلى آخر القرافة وطلعوا من خلف الجبل وخرجوا من عند الجبل الأحمر وقصدوا التوجه إلى نحو البلاد الشامية، هذا ما كان من أمر الأمير يلبغا الناصرى ومن معه من الأمراء. وأما ما كان من أمر الأمير تمربغا الأفضلى منطاش فإنه لما هرب يلبغا الناصرى ركب وطلع إلى الإسطبل السلطانى ووقع النهب فى خزائن يلبغا وحواصله، ثم إن منطاش بات تلك الليلة فى الإسطبل. فلما أصبح الصبح مسك الأمير أحمد بن يلبغا العمرى والأمير مامور القلمصاوى، فأمر منطاش بحبسهما فى قاعة الفضة، وأما يلبغا الناصرى فلم يحصلوه، ثم إن منطاش مسك جماعة من الأمراء المقدمين والأربعينات والعشروات، ثم بعد يومين مسك الأمير يلبغا الناصرى من سرياقوس ومسك الأمير قرادمرداش والأمير آقبغا الجوهرى والأمير الطنبغا الجوبانى والأمير آقبغا الماردينى وجماعة كثيرة من الأمراء ممن كانوا صحبة يلبغا الناصرى لما قصد التوجه إلى نحو البلاد الشامية.
فلما حضروا إلى عند منطاش أمر بتقييدهم ونفيهم إلى ثغر الإسكندرية وأرسل منهم جماعة إلى قوص، فكان عدة من نفى من الأمراء ثمانية عشر أميرا ما بين أمراء مقدمين