للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرقة فى الطريق السالكة، وفرقة من تحت الجبل الأحمر. فلما بلغ الأتابكى برقوق ذلك أرسل إليهم جماعة من الأمراء والمماليك السلطانية من الخانين، فلما التقوا معهم كان بينهم وقعة عظيمة لم يسمع بمثلها وقتل من الفريقين جماعة كثيرة، وخرج منهم جماعة كبيرة فعند ذلك أرسل الأمير بركة يسحب من كان معه من العسكر وهرب الأمير بركة واختفى فى تربة حتى دخل الليل، فمضى هو وشخص من الأتراك يسمى آقبغاصوان وجاء إلى باب البحر عند جامع المقسى فدخلا هناك عند شخص من الصالحين يقال له الشيخ محمد القدسى. فلما طلع النهار أرسل بركة إلى برقوق يعلمه أنه قاعد فى جامع المقسى، فأرسل إليه برقوق من أحضره. فلما حضر بركة طلع إلى باب السلسلة فأقام بها إلى بعد المغرب فقيده برقوق وأرسله إلى السجن بثغر الإسكندرية ومسك كل من كان من عصبته من الأمراء والعسكر وفى ذلك يقول بدر الدين بن حبيب (١)

يا ويحها من فتنة … وشومها من حركة

وقبحها من ذلة … ما صار فيها بركة

وفى هذه الواقعة يقول الغبارى من زجل لطيف

مصر صارت بعد القباص فى انشراح … وقلعها مزخرفة والقصور

يا إله احفظ لنا برقوق … واحرص الجند وانصر المنصور

جعل الله لكل وقعا سبب … ونقول لك سبب هدى الوقعة

بركاراد يعمل على أيتمش … وإلى الشام يسيروا بسرعة

طلب الصلح بينهم برقوق … فأرسلوا لو أخلع عليه خلعة

وبقا بعض ما بقا فى النفوس … والعليل ما اشتفى بغل الصدور

وقد أمسوا على حذر بايتين … وإيش يفيد الحذر مع المقدور

أصلحوا بينهم نهار جمعه … وصفا ودهم وطابو الجميع


(١) هو طاهر بن الحسن بن عمر بن حبيب أبو العز بن بدر الدين الحلبى المعروف بابن حبيب فاضل، ولد ونشأ بحلب، وكتب بها فى ديوان الإنشاء وانتقل إلى القاهرة فناب عن كاتب السر وتوفى فيها سنة ٨٠٨ هـ/ ١٤٠٦ م عن زهاء سبعين عاما، من كتبه "ذيل" على تاريخ أبيه، و"مختصر المنار" فى أصول الفقه، و"وشى البردة" شرحها وتخميسها ونظم عدة كتب.
انظر المزيد فى: إعلام النبلاء ٥/ ١٤٨.

<<  <   >  >>