وإذا كانت رواية ابن إياس عن حوادث الفتح العثمانى لمصر، تقل فى عرضها ووصفها، من حيث البيان والتصوير، عن رواية قرينه فرانتزا عن حوادث الفتح العثمانى للقسطنطينية، وتخلو من التعليقات النقدية التى تمتاز بها رواية فرانتزا، فإنها مع ذلك، تبقى إلى جانب الرواية البيزنطية، قرينتها الوحيدة من حيث التماثل والقيمة التاريخية، فى تاريخ الفتوحات العثمانية.
صفوة القول أن ابن إياس أخر المؤرخين الذين أرخوا تاريخ مصر بدقة وتفاصيل حيث سيبقى اسمه إلى قيام القيامة لما تركه من مؤلفات ومصنفات يشيد بها كل الناس فى جميع الأمصار والأقطار، فلهذا حرصت كل الحرص على إبراز عمل جديد لهذا المؤرخ وهو " جواهر السلوك فى أمر الخلفاء والملوك "وقد قمت بتصوير هذه المخطوطة من معهد المخطوطات العربية رقم ٢٠٥ تاريخ ويقع فى ١٦٥ ورقة، فالمخطوطة بخط المؤلف وبها بعض الصفحات القليلة مطموسة الأسطر، فرجعت إلى بعض المصادر وقمت بتكملتها ووضعت بعض التعليقات والهوامش وضبط الأعلام والمواقع الجغرافية والقبائل والبطون والفرق والمذاهب، إلى جانب تخريج الآيات والأحاديث والأشعار وإضافة الكتب والمصادر الموجودة فى النص. فالكتاب هو تلخيص لمصنفات ومؤلفات ابن إياس وخاصة كتاب" بدائع الزهور "مع إضافة معلومات جديدة لم تذكر فى الكتاب السابق ذكره، إلى جانب تصحيح بعض التواريخ كان قد ذكرها فى مصنفاته. فابن إياس صاحب المدرسة التاريخية المعروفة على مر العصور. فالكتاب" جواهر السلوك "مصدر مهم للدراسين والباحثين فى العلوم الإنسانية فهو يشمل علم التاريخ والجغرافيا والفلسفة والفقه والحديث والأدب وعلم النفس والطب والكيمياء والطبيعة والفلك والرياضيات إلخ.
وفى النهاية أرجو من الله ﷿ أن ينال هذا العمل رضاء الله والباحثين والدارسين وعشاق التاريخ ومصر، والله المعين، يا أرحم الراحمين.