وكان قد أتفق مع نوغان الكرمانى وكانت نوبته فى السلحدارية تلك الليلة. فقال السلطان لكرجى أغلقت أبوب الأطباق على المماليك البرجية. فقال: نعم فشكره السلطان على ذلك وكان أكثرهم واقفا فى دهليز القصر. وكان السلطان جالسا وعنده القاضى حسام الدين الرازى الحنفى وامامه محب الدين بن العسال والأمير عبد الله بن يزيد البدوى. فلما دخل كرجى على السلطان وجده منكبا على الشطرنج فتقدم كرجى ليصلح الشمعة فأرمى الفوطة على النمجاة. وقال للسلطان:
يا ضخم ما تصلى العشاء؟ فقال السلطان: نعم وقام ليصلى العشاء فضربه كرجى بالسيف على كتفه، فطلب السلطان النمجاة فلم يصبها فقام من هول الضربة ومسك كرجى ورماه تحته، فقام نوغان الكرمانى وأخذ النمجاة وضرب السلطان على رجليه فقطعهما. فصاح القاضى حسام الدين وانقلب السلطان على ظهرة ميتا فتركوه وأغلقوا عليه باب القصر. وتوجه كرجى إلى دار النيابة ودق الباب على الأمير منكوتمر النائب، وقال له السلطان يطلبك فأنكر حاله وقال له قتلت السلطان؟ فقال كرجى: نعم قتلنا وجئنا نقتلك. وكان منكوتمر بينه وبين كرجى خط نفس. ثم إن كرجى قبض على منكوتمر النائب وتوجه به إلى الجب الذى بالقلعة عند الأمير اينبك الحموى وقراسنقر الأعسر المقدم ذكرهما. وكان منكوتمر سببا لمسكهما فلما رأوه لعنوه وسموه وأرادوا قتله فلما طلع النهار جاء كرجى الجب وذبح منكوتمر النائب مدة فى الجب ثم دفن السلطان ومنكوتمر فى يوم واحد، فكانت مدة سلطنة الملك المنصور لاجين إلى أن قتل نحو سنتين وشهرين وأيام. وكانت قتلته فى ليلة الجمعة عاشر ربيع الأخر سنة ثمان وتسعين وستمائة.
وكان شجاعا بطلا موصوفا بالفروسية وكان رجلا طويلا أشقر اللحية أزرق العينين، مهاب الشكل، وكان دينا خيرا، أبطل فى أيامه من المكوس أشياء كثيرة، ومات و- له من العمر نحو ستين سنة ثم بعد ذلك بيومين حضر الأمير بكتاش أمير سلاح كان مسافرا مع طائفة العسكر نحو البلاد الشامية، فلما حضر نزل إليه كرجى من القلعة. فقال له الأمير بكتاش يريد أن يعمل فى كل جمعة سلطانا وأشار إلى من حو - له، فمسكوا كرجى وقتلوه. فلما بلغ طغى ونوغان الكرمانى ذلك فهربا من باب القرافة فلحقوهما عند بركة الحبش فقتلوهما هناك