كتب الأوراق، وكان المتكلم فى ذلك يومئذ شخص يسمى التاج الطويل، فلما كان ثامن شهر رجب فرقت تلك الأوراق على الناس وهى المثالات له. وكانت أراضى الديار المصرية منسوبة على أربعة وعشرين قيراطا، منها أربعة قراريط برسم السلطان للكلف والرواتب وعشرة قراريط للأمراء والاطلاقات والزيادات وعشرة قراريط للأجناد الحلقة. فرسم السلطان للكتاب بأن يلقى الأمراء والأجناد الحلقة بعشرة قراريط وزادوا الذين شكوا قيراطا، وبقى للسلطان ثلاثة عشر قيراطا وبقى الجيش ضعيفا ليس له ما يقوى به الفلاحين.
وكان المتصرف فى هذه الحركة الأمير منكوتمر النائب فسار فى الناس أقبح سيرة وصار بقائح الأمراء وبحاشتهم فى اللفظ وكان الأمير منكوتمر سياب الملك المنصور لاجين. ولما عزل الأمير قراسنقر المنصور عن نيابة مصر وتولى الأمير منكوتمر فى النيابة فشق ذلك على جماعة كثيرة من الأمراء من خشداشين الملك المنصور لاجين.
وفى هذه السنة: حج الخليفة الإمام الحاكم بأمر الله أحمد فأنعم عليه السلطان لاجين بسبعمائة درهم، ثم إن منكوتمر النائب حسن لإسناده الملك المنصور لاجين بأن يمسك جماعة من الأمراء وهم: الأمير أينبك الحموى والأمير قراسنقر وجماعة غيرهما من الأمراء. فلما بلغ الأمير قفجق نائب الشام ذلك هرب من دمشق هو والأمير بكتمر الأبو بكرى والأمير بزلار فلما هربوا توجهوا إلى عند القان غازان ملك التتار. وكان هذا سبب الفتنة العظيمة التى نشبت النواحى عند سماعها كما سيأتى ذكرها فى موضعه فعند ذلك نفرت من السلطان لاجين قلوب الرعية لسوء تدبير مملوكه منكوتمر وقد اختاروا عود الملك الناصر محمد بن قلاوون من الكرك وكان مقيما بها.
فلما كان يوم الخميس عاشر ربيع الأخر من سنة ثمان وتسعين وستمائة:
توجه السلطان إلى نحو القصر الكبير وكان صائما فنزل إليه من العصر ليفطر هناك وكان قد اتفق على قتله جماعة من المماليك الأشرفية وكان السلطان لاجين ممن تواطأ على قتلة الأشرف خليل. فلما علموا أن السلطان فى القصر فدخلوا عليه بعد العشاء وهو جالس يلعب الشطرنج، فأول من دخل عليه كرجى مقدم البرجية،