فلما كان يوم الجمعة: نزل المماليك البرجية من القلعة وتقاتلوا مع الأمير كتبغا أشد القتال حتى كاد كتبغا أن ينكسر ثم قوى كتبغا ومن معه وكسروا المماليك البرجية وطردوهم وطلعوا إلى القلعة وعلقوا الأبواب فعند ذلك أشرفت خوند والدة الملك الناصر محمد بن قلاوون من أعلى السور وأرسلت تقول لكتبغا: ايش قصدك حتى تفعله فقال السلطان: استاذنا وابن استاذنا ولو بقيت من أولاد قلاوون بنت عرجى ما أخرجنا الملك عنها. وأنما قصدنا فى مسك الشجاعى فهو الذى يرمى الفتن بيننا، فلما سمع من كان فى القلعة من الأمراء كلام الأمير كتبغا تسللوا من عند الشجاعى فبقى وحده، فأرسل يطلب من الأمير كتبغا الأمان فلم يوافقه على ذلك ولا طاوعه بقية الأمراء على الأمر، ثم إن الشجاعى دخل على السلطان. فقال السلطان إن كان هذا لأجلى فاصطلحوا وأنا أعطيك نيابة حلب ونستريح من هذا الشر ثم إن الشجاعى خرج من عند السلطان على هذا الوجه فبينما هو فى أثناء الطريق، وثب عليه الأمير أقوش المنصورى وقتله وقطع رأسه ويديه وأخذها، ووضعها فى فوطة حرير، وخرج والمماليك البرجية محتاطين بباب القلعة فقالوا له ما معك؟ فقال: حين سجن أرسله السلطان للأمير كتبغا حتى يعرف أن عندنا الخبر كبيرا وتركوه ومضى.
فلما نزل من القلعة وضع رأس الشجاعى بين يدى الأمير كتبغا وبقية الأمراء.
فلما رأوا رأس الشجاعى فعند ذلك خمدت الفتنة وأمر الأمير كتبغا المشاعلية بأن يطوفوا برأس الشجاعى مصر والقاهرة فجعلوه على رمح وطافوا به جميع الحارات والأسواق والحارات. وكان أكثر الناس يكرهون الشجاعى حتى طائفة اليهود والنصارى، فصار الناس يعطون المشاعلية شيئا من الفضة ويأخذون منهم الرأس ويدخلون به دورهم ويصفعونه بالنعال والقباقيب حتى يشتفوا منه فأقاموا ثلاثة أيام يفعلون ذلك. وقيل كان مع المشاعلية برنية خضراء كبيرة يحصلون فيها ما يأخذونه من الناس، فقيل إنهم ملأوا ثلاث مرات فضة ولم يسمع بمثل هذه الواقعة قط. وكان الشجاعى رجلا طويلا أبيض اللون، أشقر اللحية وكان ظالما عسوفا جبارا قد اجتمع الناس على بغضه.