للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أظهر من العظمة والكبرياء أمرا عظيما ورسم السلطان لبعض المماليك السلطانية بالركوب فى خدمته فصار بركب فى موكب عظيم. وقيل كان القضاة الأربعة تركب قدامه فى أيام المواكب وأحال الأمراء وأعيان الناس فى أشغالهم عليه.

وكان الأشرف طرنطاى النائب صفا له الوقت وطاش فى أموره فجرد بالعساكر إلى نحو الشام وخرج معهم وتوجه إلى حصار مدينة عكا وكان الفرنج ملكوها وصاروا يقطعون الطريق على المسلمين من التجار وغيرهم، فتوجه إليهم السلطان وحاصرها ونصب عليها بالمنجنيقات وقيل كانت عدتهم نحو اثنين وسبعين منجنيقا فحاصرها مدة يسيرة، فلما ظهر له خذلاتهم فزحف هو والعسكر زحفة واحدة فأعطاه الله النصر، ففتحها بالسيف فى يوم الجمعة سابع عشر جمادى الأخر من سنة تسع وثمانين وستمائة، فلما أصبح يوم السبت أمر السلطان بهدم سور المدينة وما كان حولها من صيدا وبيروت. وكانت مدينة عكا من أحسن المدائن وأعمرها وصار الناس من بعد ذلك ينقلون فيها الرخام، ومن جملة ما نقلوه وهو الباب الرخام الذى على المدرسة الناصرية التى بين القصرين، وكان على باب كنيسة فى مدينة عكا. ومات يوم فتح عكا اثنى عشر أميرا وثلاثة وخمسون مملوكا من مماليك السلطان ومات نحو ثلاثين مملوكا من مماليك الأمراء. ومات فى هذه الوقعة العزى بقية الجيوش المنصورة وهو صاحب سويقة العزى.

ثم رجع السلطان إلى القاهرة فدخلها وقد زينت له. فلما وصل إلى القبة المنصورية التى بين القصرين نزل وزار قبر والده قلاوون، ثم ركب وطلع إلى القلعة والأمراء مشاة قدامه حتى طلع إلى القلعة، فأخلع على نائب السلطنة والوزير وأرباب الوظائف وغيرهم من أعيان الناس. ولما حصلت هذه النصرة قال القاضى محيى الدين بن عبد الظاهر فى ذلك.

يا بنى الأصفر قد حل بكم … نقمة الله لا تنفصل

نزل الأشرف فى ساحلكم … فأبشروا منه بصك متصل

وقال محمد بن غانم فى الأشرف خليل ويوسف بن أيوب:

مليكان قد لقبا بالصلاح … اهذا خليل وذا يوسف

فيوسف لا شك فى فضله … ولكن خليل هو الأشرف

<<  <   >  >>