للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عداوة الأسد لا تخشى مغبتها … إذ ليس تعقل ما يأتى وما يذر

فما العداوة إلا للرجال فخف … ذوى العقلول فيهم ينبغى الحذر

وفى معناه:

احذر من الناس ولا … فى معرك الشك تجل

فى قلب ليث بت وخف … إن بت فى قلب رجل

ثم إن الأشرف خليل لما قبض على طرنطاى النائب، قيل بات طول الليل يعاقبه حتى مات تحت الضرب، وأقام ثلاثة أيام لم يدفن ثم دفنه بعد ذلك ورسم للشجاعى بأن يحتاط على موجوده، فنزل الشجاعى إلى دار طرنطاى النائب وقبض على حاشيته وغلمانه وعياله، وصار يعاقبهم فى كل يوم ويستخلص منهم الأموال فظهر له شئ كثير من المال والتحف ما لا يحصر لكثرته، ثم إن الأشرف خليل استقر بالأمير يبدرا نائب السلطنة عوضا عن طرنطاى النائب. ولما تم أمر الأشرف خليل فى السلطنة واستبقاء حاله أرسل خلف القاضى شمس الدين بن السلعوس ناظر ديوانه وكان بالحجاز من أيام الملك المنصور قلاوون فأرسل إليه الأشرف خليل بجواب وعلى يده مرسوم وحشاه الأشرف خليل بخطه بقلم العلامة يقول فيه "يا شقير جدّ السير، جاء الخير". وقيل ما رؤى قط مرسوم سلطان محشى بخطه سوى مراسيم الأشرف خليل، وحشا أيضا مرسوما إلى دمشق لما رسم باسقاط ما كان يؤخذ من باب الجابية على كل حمل من القمح خمسة دراهم مكسا. فكتب فى المرسوم بين السطور: وليكشف عن رعايانا هذه الظلامة، ونستجلب الدعاء لنا من الخاصة والعامة، وكان كثيرا ما يحشى المراسيم بخطه.

فلما حضر شمس الدين بن السلعوس من الحجاز استقر به وزيرا وفوض إليه أمر السلطنة جميعها. وكان أصل بن السلعوس تاجرا من دمشق وانتمى إلى خدمة الأشرف خليل فى حياة والده قلاوون واستأجر له مواضع كثيرة بالشام، فحصل له منها ربح كثير فحمله إلى الأشرف خليل، فأعجبه ذلك وحظى عنده وجعله ناظر ديوانه. ثم إن المنصور قلاوون نفى ابن السلعوس إلى الحجاز. فلما مات قلاوون وتسلطن ابنه خليل أحضر ابن السلعوس واستقر به وزيرا، وكان حضور ابن السلعوس من مكة فى ثالث عشر المحرم مع مبشر الحاج، ولما تولى الوزارة

<<  <   >  >>