وقوة القلب ما لا يسمع بمثله ثم صار أميرا مقدم ألف ثم صار اتابك العسكر ومازال يترقى والاقدار تساعده إلى أن بقى سلطانا بالديار المصرية.
فلما تسلطن بعد قتل قطز كما تقدم ذكره وجلس على سرير الملك وخلف الأمراء لنفسه. ثم إنه استقر بالأمير فارس الدين اقطاى ويدعى بالمستعرب أتابك العساكر واستقر بجماعة من الأمراء فى وظائف سنية.
فلما قتل المظفر قطز وتولى بيبرس فدخل إلى القاهرة فى الليل وطلع إلى القلعة، فلما طلع النهار نادى المنادى للناس ترحموا على الملك المظفر قطز وادعو بالنصر للسلطان الملك الظاهر بيبرس.
وكانت القاهرة قد زينت لقدوم الملك المظفر قطز فلما بلغ الناس هذه النصرة على التتار ورد العدو عن البلاد، فلما نادى المنادى بذلك فمن الناس من فرح بذلك، ومنهم من اغتم لذلك وتأسف على الملك المظفر قطز لأنه قتل بلا ذنب، فلما جلس الملك المظفر بيبرس على سرير الملك بمصر عمل الموكب وأخلع على من يذكر من الأمراء وهم: الأمير فارس الدين أقطاى المستعرب فاستقر أتابك العساكر كما تقدم، واستقر بالأمير لاجين الدرفيل داودارا كبيرا، والأمير بليان الرومى دوادارا ثانيا، واستقر بالأمير عز الدين الأفرم أمير جاندار واستقر بالأمير بهاء الدين يعقوب أمير آخور على عادته، واستقر ببهاء الدين بن حنا وزيرا.
وقيل: إن ابن حنا هذا هو الذى بنى الآبار النبوى المطلة على بحر النيل وأودع فيه الآبار الشريفة وقيل إنه اشتراها بمال جزيل حتى أودعها بمصر، واستقر بالأمير جمال الدين أقوش النجيبى أستادارا واستقر ببقية الأمراء على قدر منازلهم، ورسم باحضار المماليك البحرية الذين كانوا فى البلاد متفرقين، ثم أرسل مكاتبات إلى سائر الملوك والنواب "رمم مما عدد الله تعالى له"(١) من توليه الملك بالديار المصرية وطلب منهم بذل الطاعة فأجابه الجميع بالبيع والطاعة. وقد تقدم أن الأمير علم الدين سنجر الحلبى لما نقل أمره على الناس فى دولة الملك المنصور على بن الملك المعز أيبك التركمانى وقبض عليه الملك المظفر قطز قبل أن