للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عوضه قمحا. فقالت "إن لم تنفعنى وقت الحاجة، فلا حاجة لى بك" وألقته على الأرض ومضت فلم يجئ أحد يلتقطه هو.

وقيل: إن الوزير ركب يوما بغلته ودخل دار الخلافة فلما نزل عن بغلته أخذت من غلمانه وأكلت فى الوقت، فأمسكوا الذين أكلوها وشنقوهم، فلما أصبحوا لم يجدوا أحدا من المشانيق وقد أكلوا من على الخشب ولم يبق منهم غير العظام.

وقيل: إن الخليفة المستنصر بالله أخرج فى هذه الغلوة جميع ما فى الخزائن من أموال وتحف وسلاح وقماش فباعها بأرخص الأثمان حتى قيل إنه أباع ثمانين ألف قطعة من أنواع الجوهر المثمن وخمسة وسبعين ألف شقة من أنواع الديباج المذهب، عشرين ألف سيف وإحدى وعشرين دارا وضيعة وعقارا، ومات جميع غلمانه وجواريه فى هذا الفناء، وانكشف حاله وافتقر فى هذه الحركة حتى لم يبق عنده إلا سجادة تحته وقبقاب فى رجله، وكان إذا نزل من قصره إلى مكان أخر يستعير من الوزير بغلته حتى يركبها ويقضى أشغاله عليها.

وقيل مات فى هذه الحركة أكثر أهل مصر من الجوع، حتى قيل كان يمشى الرجل من جامع ابن طولون إلى باب زويلة لم ير فى وجهه إنسانا


= بواسط سواها، ولد سنة ٥١٠ هـ وسمع فى سنة ٥١٩ هـ من ابن الحصين وأبى غالب بن البناء وخلق عدتهم ٨٧ نفسا وكتب بخطه الكثير جدا ووعظ سنة ٥٢٠ هـ إلى أن مات سنة ٥٩٧ هـ حدث عنه بالإجازة الفخر على وغيره وله "زاد المسير" فى التفسير و"جامع المسانيد" و"المغنى" فى علوم القرآن و"تذكرة الأريب" فى اللغة و"الوجوه والنظائر" و"مشكل الصحاح" و"الموضوعات" و"الواهيات" و"الضعفاء" و"تلقيح مفهوم الأثر" و"المنتظم" فى التاريخ وأشياء يطول شرحها، وما علمت أحدا من العلماء صنف ما نصف وحصل له من الحظوة فى الواعظ ما لم يحصل لأحد قط، قيل إنه حضره فى بعض المجالس مائة ألف وحضره ملوك ووزراء وخلفاء، وقال كتبت بإصبعى ألفى مجلد، وتاب على يدى مائة ألف وأسلم على يدى عشرون ألفا. قال الذهبى فى التاريخ الكبير: لا يوصف ابن الجوزى بالحفظ عندنا باعتبار الصنعة، بل باعتبار كثرة إطلاعه وجمعه.
انظر المزيد فى: البداية والنهاية ١٣/ ٢٨، تذكرة الحفاظ ٤/ ١٣٤٢، الذيل على طبقات الحنابلة ١/ ٣٩٩، شذرات الذهب ٤/ ٣٢٩، طبقات المفسرين للداودى ١/ ٢٧٠، طبقات المفسرين للسيوطى ١٧، العبر ٤/ ٢٩٧، مرآة الجنان ٣/ ٣٨٩، مفتاح السعادة ١/ ٢٤٥، النجوم الزاهرة ٦/ ١٧٤، وفيات الأعيان ١/ ٢٧٩.

<<  <   >  >>