دار السعادة فخرج الأمير جانم هو وعياله من الشام هاربين واستمر هاججا فى البلاد إلى أن قتل هناك، قيل قتله بعض الفداوية وقتل الفداوى أيضا بعده، ثم بعد مدة يسيرة ركب المماليك الأشرفية والأينالية ولبسوا آلة الحرب وطلعوا إلى الرملة ونزل السلطان إلى الأسطبل وجلس بالمقعد المطل على سوق الخيل. ثم إن المماليك الأشرفية والأينالية توجهوا إلى الأتابكى جرباش كرت وكان مقيما بتربة الملك الظاهر برقوق بسبب مأتم ابنته التى ماتت، فركبوه من هناك بالغصب وتوجهوا به إلى باب النصر وشق القاهرة وحملوا على رأسه سنجق ولقبوه بالملك الناصر، فلما حضر إلى الرملة جلس بالبيت الكبير الذى عند حدرة البقرة فأقام هناك ساعة، فنزل إليه جماعة من المماليك الظاهرية فاتفق مع المماليك الأشرفية والأينالية فكسروهم وهربوا، ثم إن السلطان طلع إلى القلعة وأرسل خلف الأتابكى جرباش فطلع إلى القلعة وانفض ذلك الجمع، ثم إن السلطان أخذ فى أسباب مسك جماعة، من الأمراء الأشرفية والأينالية فمسك منهم جماعة وأرسلهم إلى السجن بثغر الإسكندرية ونفى جماعة من المماليك الإينالية إلى بلاد الصعيد وغيرها.
وكان القائم بتدبير أمر المملكة يومئذ الأمير جانى بك نائب جده أمير دوادار كبير، ثم إن السلطان أخلع على الأمير تنم المؤيدى واستقر به نائب الشام عوضا عن الأمير جانم الأشرفى.
ومن الحوادث فى أيامه: أن النيل توقف فى أول الزيادة واستمر نحو خمسة عشر يوما ما يزد شيئا، فأمر السلطان القضاة والعلماء أن ينزلوا إلى المقياس ويباتوا هناك ويدعوا إلى الله تعالى بالزيادة فزاد وأوفى فى آخر مسرى.
وفى أيام الظاهر خشقدم كسفت الشمس كسوفا فاختبأ حتى أظلمت الدنيا وأقامت نحو ساعة حتى انجلت.
ومن الحوادث فى أيامه فى أواخر شهور سنة ثمان وستين وثمانمائة قتل الأمير جانى بك نائب جده الدوادار الكبير فى القلعة وذلك يوم الثلاثاء فى أوائل ذى الحجة قتل عند باب الزردخاناه وقت الصبح وهو طالع إلى القلعة قيل قتله بعض المماليك الأجلاب الخشقدمية وذلك لما نقل أمره على الظاهر خشقدم فندب له من قتله، فقيل هو والأمير تنم رصاص المحتسب فى يوم واحد، ودفن الأمير جانى بك فى تربته التى أنشأها بالقرب من باب القرافة.