الأتابكى أيتمش وبث رشدا سلطان الملك الناصر فرج وحكم به القضاة الأربعة وسلموا إليه أمر المملكة فأخلع على أمير المؤمنين المتوكل على الله وعلى القضاة الأربعة وعلى الأتابكى أيتمش ثم دقت الكوسات لذلك ثلاثة أيام، ونودى فى القاهرة بالأمان والاطمئنان والبيع والشراء والدعاء للسلطان الملك الناصر فرج فارتفعت الأصوات له بالدعاء من الخاص والعام.
وفى يوم الاثنين عاشر ربيع الأول من السنة المذكورة: وثب الأتابكى أيتمش البجاسى على السلطان ولبس آلة الحرب هو وجماعة من الأمراء ممن كانوا من عصبته.
فلما بلغ السلطان ذلك نزل إلى الحراقة التى فى الأسطبل وركب المدافع، فطلع إليه من الأمراء، الأمير يشبك الشعبانى، والأمير سودون الطيارى والأمير سودون الماردينى والأمير بيبرس الدوادار والأمير اينال باى بن قجماس وغيرهم من الأمراء المقدمين والطبلخانات والعشروات، فكان بينهم وبين الأتابكى أيتمش وقعة عظيمة من باكر النهار إلى بعد العشاء، فنادى الأتابكى أيتمش إن من مسك مملوكا من مماليك السلطان وأحضره إلى عند الأتابكى أيتمش يأخذ عريه. فلما سمع المماليك السلطانية بذلك تسحبوا من عند أيتمش وطلعوا إلى القلعة وقاتلوا أيتمش أشد القتال حتى انكسر وهرب هو ومن معه من الأمراء وتوجهوا إلى نحو قبة النصر. وكان أيتمش أخذ من الإسطبل السلطانى أول ما ركب نحو أربعمائة فرس، فلما انكسر توجه إلى قبة النصر فوقف هناك ساعة حتى تكاملت جماعته ثم توجه إلى سرياقوس وأخذ الخيول التى أعدها لذلك وأخذ بركه وتوجه من سرياقوس إلى بلبيس ثم إلى الصالحية، وقصد التوجه إلى دمشق وكان مع الأتابكى أيتمش من الأمراء المقدمين وهم:
الأمير تغرى بردى أمير سلاح والأمير أرغون شاه أمير مجلس والأمير فارس حاجب الحجاب والأمير يعقوب شاه الكمشيغاوى أحد الأمراء المقدمين وجماعة من الأمراء الطبلخانات والعشروات، هذا ما كان من أخبار الأتابكى أيتمش بعد كسرته. وأما ما كان من أخبار السلطان الملك الناصر فرج فإنه قبض على جماعة من الأمراء ممن كانوا من عصبة أيتمش فقيدهم وأرسلهم إلى السجن بثغر الإسكندرية.
ثم إن العوام نهبوا بيوت الأمراء المتشحين مع أيتمش (١) وباب الوزير ونهبوا جامع سنقر المجاور لبيت أيتمش ونهبوا مدرسة أيتمش إلى عند باب الوزير وحفروا قبر أولاده، وقيل إن فيه مالا فلم يجدوا فيه شيئا وأحرقوا الربع الذى بناه خارج تربة خوند زهرا بنت الملك