للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال القاضى محيى الدين بن عبد الظاهر: ما رأيت ولا سمعت بأحسن من مهم الملك الأشرف خليل ولقد كنت أحضر بالمراسيم للعلامة فما علم على مرسوم قط إلا وقرأه جميعه ويفهم ما فيه، بل وكان يستدرك علينا ويخرج بأشياء كثيرة فيها الصواب، ولقد تعاظم الأشرف خليل فى أخر الوقت حتى صار يكتب فى موضع العلامة وهو إشارة إلى الحرف الأول من اسمه، ومنع الكتاب بديوان الإنشاء ألا يكتبوا لأحد من الأمراء والنواب "الزعيمى" وكان يقول: من زعيم الجيوش غيرى "وكان الأشرف خليل له معرفة تامة بأحوال المملكة، وكان كفئا للسلطنة وما كان فيه من المساوئ غير أنه كان يسمع من وزيره شمس الدين بن السلعوس فى حق الناس، وكان ذلك سببا لزوال ملكه وسرعة قتله. وكان عنده العدل فى حق الرعية، منصفا [فى حكمه] (١) كما أنه لا يراعى فى الحق أحدا من الأمراء ولا غيرهم، فكان أحق يقول القائل بحيث يقول هذه الأبيات:

يا أيها الملك الذى سطواته … حلمت بها الأعداء فى يقظانها

ملك تقر له الملوك بأنه … إنسان أعينها وعين حياتها

شتت شمل المال بعد وفوره … وجمعت شمل الناس بعد شتاتها

وظهرت بالعدل الذى أمسى به … فى البيد يخشى ذئبها من شاتها

وكانت قتلة الأشرف خليل فى عصر يوم السبت خامس المحرم سنة ثلاث وتسعين وستمائة. فلما قتل الأشرف خليل اتفق رأى الأمراء على سلطنة الأمير يبدرا النائب فحلف له الأمراء وسلطنوه وأركبوه تخت العصائب السلطانية ولقبوه بالملك الأوحد، وقيل بالملك الرحيم، ثم أخذوا فى أسباب مسك الأمراء فمسكوا الأمير بيسرى والأمير بكتمر السلحدار وغيرهما من الأمراء. فلما وصل هذا الأمر والخبر إلى الأمراء الذين كانوا بالقاهرة فخرجوا على الفور ومن معهم من المماليك السلطانية وأخذوا فى الوثوب على الأمير يبدرا فتلاقوا هم وأبوه على الطرانة، فلما تلاقوا تقاتلوا مع الأمير يبدرا ومن معه، فسار على يبدرا عين القلب ويسحب من المماليك السلطانية وجاءوا إلى عند الأمير كتبغا وكذلك من كان مع


(١) إضافة من عندنا للسياق مع المعنى.

<<  <   >  >>