للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمرض الملك الصالح على فى أيام أبيه مرضا شديدا، ومات فى ليلة الجمعة رابع شهر شعبان سنة ثمان وثمانين فحزن عليه والده قلاوون حزنا شديدا وكان الأمير طرنطاى النائب وجماعة من الأمراء واقفين على الباب منتظرين ما يكون من الأمر.

فلما وقع الصراخ دخل الأمير طرنطاى النائب وبقية الأمراء فوجدوا السلطان مكشوف الرأس وكلويته مرمية على الأرض وهو يبكى ويقول واولداه فلما رأى الأمراء السلطان مكشوف الرأس فأرمى الأمير طرنطاى النائب كلويته وكذلك الأمير سنقر الأشقر والأمير جرمك وبقية الأمراء ثم بعد ساعة أخذ الأمير طرنطاى النائب كلويت السلطان من على الأرض وقدمها له فدفعها منه وقال أيش بقيت أعمل بالملك يا أخى بعد ولدى؟ فصبروا له ساعة ووقف الأمير سنقر الأشقر نائب الشام كان واحد الشاس وباس الأرض هو وبقية الأمراء فباسوا الأرض عدة مرات وهو يأبى من ذلك ثم بعد ساعة وضعوا كلويته على رأسه بالغصب وباتوا تلك الليلة عنده فلما أصبحوا جهزوا ابن السلطان وأخرجوه وصلوا عليه بالقلعة، وكان قاضى القضاة ابن بنت الأعز (١) هو الذى تولى الصلاة عليه وقصد السلطان أن ينزل ويمشى فى جنازته إلى التربة فمنعه الأمراء من ذلك ونزل معه سائر الأمراء والقضاة وأعيان الناس ودفنوه فى تربة والدته خوند خاتون بالقرب من السيدة نفيسة وذلك فى يوم الجمعة رابع شهر شعبان سنة ثمان وثمانين. فلما أصبح يوم السبت: نزل السلطان إلى تربة ولده المذكور. وقعد عنده هو والأمراء وتصدق صدقات كثيرة وأقام المأتم سبعة أيام والقراء عمال.

ولما مات الصالح على هذا خلف ولدا ذكرا يسمى الأمير موسى وعاش بعده مدة طويلة وهو صاحب الربع الذى فى الموازنين بالقرب من جامع الصالح عند باب زويلة. ولما مات الملك الصالح على كتب القاضى محيى الدين بن عبد الظاهر كاتب السر الشريف عن لسان أبيه الملك المنصور قلاوون إلى بعض


(١) هو عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن خليفة العلامى المصرى الشافعى، وزير فقيه له نظم حسن، ولى الوزارة مع القضاء بمصر ثم استعفى وتولى التدريس بالمدرسة المجاورة لضريح الشافعى وتوفى كهلا سنة ٦٩٥ هـ/ ١٢٩٦ م.
انظر المزيد فى: فوات الوفيات ١/ ٢٥٦.

<<  <   >  >>