للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانت شجرة الدر قد أعدت له من يقتله إذا طلع إليها، فلما طلع إليها اصطلحت معه ودخل الحمام ودخلت معه إلى الحمام فلما استقر بها دخل عليهما خمسة من الخدام الخصى الروم الذين كانت أعدتهم له ليقتلوه فأخذ بعضهم بخناقه وبعضهم بمحاشمه فاستغاث بشجرة الدر، فقالت للخدام أتركوه فاغلظ عليها بعضهم وقال: متى تركناه لا يبقى عليك ولا علينا، فقتلوه فى الحمام وذلك فى يوم الثلاثاء ثالث عشرين ربيع الأول سنة خمس وخمسين وستمائة. فلما قتل أيبك تولى من بعده ابنه نور الدين على، فعند ذلك قبص على شجرة الدر ودخل بها إلى أمه فقتلتها بالقباقيب إلى أن ماتت فرموها فى خندق القلعة وهى عريانه فأقامت ثلاثة أيام مرمية لم تدفن والناس ينظرون إليها، وأما الخدام الذين قتلوا أيبك فشنقوهم على باب القلعة.

وقيل: إن أحد الحرافيش جاء فى الليل إلى شجرة الدر وهى مرمية فقطع تكة لباسها وكان فيها أكرة لؤلؤ كبار ثم دفنت فى تربتها التى بالقرب من السيدة نفيسة.

وكانت شجرة الدر كثيرة البر والصدقة ولها أوقاف على جهة بر ومعروف، وكانت دينة خيرة تحب الفقراء وتحب المساكين ولم يسمع بأن فى الإسلام من تسلطن من النساء غير شجرة الدر، ونالت من العز والعظمة ما لا ناله أحد من النساء قبلها، وتصرفت فى الدهر بحسب ما تختاره من الأمور كما قيل.

أيها المتعب جهلا نفسه … يطلب الدنيا حريصا جاهدا

لا لك الدنيا ولا أنت لها … فاجعل الهمين هما واحدا

فكانت مدة سلطنتها بمصر نحو ثلاثة أشهر، وكانت مدة سلطنة الملك المعز أيبك التركمانى بمصر سبع سنين فمنها مدة انفراده بالسلطنة خمس سنين وثلاثة أشهر، ومدة الصبى يوسف المقدم ذكره الذى كان شريكه فى السلطنة نحو سنة وأشهر.

ولما قتل أيبك تولى من بعده ابنه نور الدين على. قال بعضهم هذه الأبيات المواليا تتضمن أسماء ملوك الترك ممن تولوا السلطنة بالديار المصرية، من أول ملوك الترك [والجراكسة] دون أسماء أولادهم على الترتيب وهم:

<<  <   >  >>