للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَ "العِدَى": الغُرَبَاءُ. وَ"العِدَى" أَيْضًا: الأَعْدَاءُ. وَ"العَلَفُ" وَالأَكْلُ هُنَا مَثَلَانِ مَضْرُوبَانِ لِلْمُوَافَقَةِ وَتَرْكِ المُخَالَفَةِ.

كَانَ يَعْتُبُ عَلَى قَوْمِهِ، فَلَمَّا جَاوَرَ غَيْرَهُمْ لَمْ يَحْمَدْ جُوَارَهُمْ، فَنَدِمَ. وَقَبْلَ البَيْتِ: (طويل)

لَعَمْرِي لَقَوْمُ المَرْءِ خَيْرٌ بَقِيَّةً … عَلَيْهِ وَإِنْ عَالَوْا بِهِ كُلَّ مَرْكَبٍ (١)

مِنَ الجَانِبِ الأَقْصَى وَإِنْ كَانَ ذَا غِنًى … جَزِيلٍ وَلَمْ يُخْبِرُكَ مِثْلُ مُجَرِّبِ

تَبَدَّلْتُ مِنْ دُودَانَ نَصْرًا وَأَرْضَهَا … فَمَا ظَفِرَتْ كَفِّي وَلَا طَابَ مَشْرَبِي

قَوْلُهُ: "لَسْتَ مِنْهُمُ".

جُمْلَةٌ فِي مَوْضِع خَفْضٍ عَلَى الصِّفَةِ لِـ "قَوْم"، وَتَقْدِيرُهَا: غَيْرِ كَائِنٍ مِنْهُمْ أَنْتَ، لأَنَّ "لَيْسَ" فِعْلَ غَيْرُ مُتَصَرِّفٍ فَلَا يُمْكِنُ الاشْتِقَاقَ مِنْهُ، فَأَتَيْتَ بِشَيْءٍ هُوَ فِي مَعْنَاهُ وَلَزِمَهَا إِظْهَارُ الضَّمِيرِ لِجَرْي الصِّفَةِ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ.

و "فِي" مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ لِوُقُوعِهَا مَوْقِعَ خَبَرِ "كَانَ". وَالوَجْهُ فِي "مَا" أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى "الَّذِي"، وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الَّتِي تُوصَلُ بِالفِعْلِ فَتَنُوبُ مَنَابَ المَصْدِرِ، كَقَوْلِكَ: "أَعْجَبَنِي مَا فَعَلْتَ"، أَيْ: فِعْلُكَ، كَأَنَّهُ قَالَ: "فَكُلْ عَلَفَكَ". وَيَجِبُ عَلَى هَذَا أَنْ يَجْعَلَ "العَلَفُ" بِمَعْنَى الْمَعْلُوفِ، لأَنَّ نَفْسَ المَصْدَرِ لَا يُعْلَفُ، فَيَكُونُ كَقَوْلِهِمْ: دِرْهَمٌ ضَرْبُ الأَمِيرِ، أَيْ: مَضْرُوبُهُ.

وَالفَرْقُ بَيْنَ "مَا" المَصْدَرِيَّةِ وَالَّتِي بِمَعْنَى "الَّذِي"، وَإِنْ كَانَتَا مَوْصُولَتَيْنِ، أَنَّ الَّتِي بِمَعْنَى "الَّذِي" يَعُودُ إِلَيْهَا مِنْ صِلَتِهَا عَائِدٌ، وَالمَصْدَرِيَّةُ لَا يَعُودُ إِلَيْهَا مِنْ صِلَتِهَا عَائِدٌ، لأَنَّهَا حَرْفٌ بِمَنْزِلَةِ "أَنِ" المَوْصُولَةِ.


(١) الأبيات في معجم الشعراء: ٢٣٩؛ الحماسة البصرية: ٢/ ٣٨٢؛ الحيوان: ٣/ ١٠٣؛ شرح حماسة أبي تمام للشنتمري: ٢/ ٦٨٣ برواية: (الرهط)، وصدر البيت الثاني: (من الأبعد النائي وإن كان ذا ندى). والبخلاء: ٣٣٩؛ شرح حماسة أبي تمام للمرزوقي: ١/ ٣٥٨؛ التذكرة السعدية: ٢٠٢ (تقية).

<<  <  ج: ص:  >  >>