للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثالث منهج الجذامي في الشرح]

لابدّ في هذه الدراسة من الحديث عن المنهج نظرًا لأهميته في إبراز الثقافة الفكرية الأصيلة للمؤلف في توثيق النص وفي إخراجه على النحو الذي يليق به. فالجذامي لم يشد عن منهج الشروح في تتبُّع آثار النص المشروح، إلا أنه تميز بمنهج خاص في ترتيب موضوعات الشرح عامة ومنهج في كل باب من الشرح، كم أنه توخى في ذلك الدقة والموضوعية والتجديد.

وأول ما يطالعنا في منهجه هو تصريحه به في المقدمة (١)، وأكد على أنه جمع لما وصل إليه من شروح على "أدب الكتاب" وتفسير لأبياته، وتصحيح للأغلاط التي وقعت فيه، فهو أساسًا جمع واستقصاء، وهي عملية تطرح منهجًا صارمًا في ترتيب الأفكار والآراء بما يفيد الشرح دون أن يخلخل نظام الكتاب المشروح، مع إغناء الشرح وإيراد ما يناسب في مكانه المناسب.

ولم يكن سبب تأليف الجذامي لكتاب "الانتخاب" هو طلب تقدم به الحاكم أو أحد أصحابه أو تلاميذه كما جرت العادة في تأليف الكتب، بل إنه لمس في نفسه رغبة في جمع المعلومات التي اجتمعت لديه من الشروح السابقة لأدب الكتاب ولمعلومات اكتسبها من طول دراسة لهذا قال: "وجعلته تذكرة لنفسي، وعدة لدرسي، واختصرته غاية الاختصار، لقصدي به قصد التذكار" (٢). من هنا يمكن الحديث عن منهجين في الشرح: منهج عام ومنهج خاص.


(١) الانتخاب: ٥.
(٢) الانتخاب: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>