للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنَ المَقْلُوبِ (١)

ط: "عَوَّلَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي الْقَلْبِ فَسَمَّى جَمِيعَ مَا ضَمَّنَهُ مَقْلُوبًا. كَمَا فَعَلَ فِي "بَابِ الْمُبْدَلِ". وَلَيْسَ جَمِيعُهُ مَقْلُوبًا عِنْدَ أَهْلِ التَّصْرِيفِ مِنَ النَّحْوِيِّينَ، وَإِنَّمَا يُسَمَّى مَقْلُوبًا عِنْدَهُمْ: مَا انْقَلَبَ تَفْعِيلُهُ بِانْقِلَابَ نَظم صِيغَتِهِ، كَقَوْلِهِمْ فِي: "أَشْيَاءِ" إِنَّهَا لَفْعَاءُ مَقْلُوبَةٌ مِنْ شَيْئَاءَ (٢)، وَفِي "شَأَى" أَنَّهُ مَقْلُوبٌ مِنْ "شَاءَ". وَأَمَّا مَا لَا يَنْقَلِبُ تَفْعِيلُهُ بِانْقِلَابِ نَظمِ صِيغَتِهِ فَإِنَّهُمْ لا يُسَمُونَهُ مَقْلُوبًا، وَإِنْ كَانَتْ حُرُوفُهُ قَدْ تَغَيَّرَ نَظْمُهَا كَتَغَيُّرِ نَظْم الْمَقْلُوبِ، كَقَوْلِنَا: رَقَبَ، وَرَبَقَ، وَبَرَقَ، وَقَبَرَ. وَنَحْو هَذَا مِمَّا أَسْمَاهُ أَبُو بَكْرٍ الزُّبَيْدِيُّ مَقْلُوبًا فِي كِتَابِ "العَيْنِ" (٣).

فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الأَلْفَاظِ يُقَالُ: إِنَّ وَزْنَهُ، فَعَلَ، وَلَيْسَ بَعْضُهَا أَوْلَى بِأَنْ يَكُونَ أَصْلًا فِي بَابِهِ مِنْ بَعْضٍ. وَكَمَا أَنَّ الْمُبْدَلَ وَالْمَزِيدَ لَهُمَا مَقَايِيسٌ يُعْرِفَانِ بِهَا وَمَوَاضِعُ تُسْتَعْمَلَانِ فِيهَا لَا يَتَعَدَّيَانِهَا إِلَى غَيْرِهَا، كَذَلِكَ الْمَقْلُوبُ.

فَمِنْ مَقَايِيسِ هَذَا الْبَابِ أَنْ يُوجَدَ لأَحَدِ اللَّفْظَيْنِ مَادَّةٌ مُسْتَعْمَلَةٌ مُصَرَّفَةٌ وَهِيَ: طَابَ، يَطِيبُ طِيبًا، فَهُوَ طَيِّبٌ، وَلَا يُوجَدُ لِـ "أَيْطَبَ" مَادَةٌ مَصَرَّفَةٌ، فَيُقْضَى عَلَى أَطْيَبَ أَنَّهُ الأصْلُ. وَأَنَّ "أَيْطَبَ" مَقْلُوبٌ مِنْهُ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ: (بسيط)

حَتَّى اسْتَفَأَنَا نِسَاءَ الْحَيِّ ضَاحِيَّةً … وَأَصْبَحَ الْمَرْءَ عَمْرٌو مُثْبَتًا كَاعِي (٤)

فَإِنَّا نَزْعُمُ أَنَّ "كَاعٍ" مَقْلُوبٌ مِنْ "كَائِعٍ"، لأَنَّا وَجَدْنَا لِـ "كَاعَ" مَادَّةً


(١) أدب الكتاب: ٤٩٢.
(٢) في الاقتضاب: ٢/ ١٨٢، ساء بسين غير معجمة.
(٣) هو مختصر العين ولعلّ الكلمة سقطت من الأصل.
(٤) البيت بدون عزو في ضرائر الشعر: ١٩٨؛ الاقتضاب: ٢/ ١٨٢ - ٢٥٨. اللسان (كيع).

<<  <  ج: ص:  >  >>