للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علمه الذي أملاه وأخذ منه، محبًا لأهله، ضابطًا على الأمر العلي" (١).

وقد عظّم الموحدون أمور دينهم كلها، وحافظوا على هيبة المساجد ودورها؛ إذ عملوا على بنائها وتحسينها، وإقامة الصلوات فيها، وخاصة صلاة الجمعة التي كان الخليفة يحضرها، لا يثنيه عنها إلا المرض. وكانت المراسيم التي تصدر عنه تتلى على منابر المساجد، تعظيمًا لشأنها ودافعًا للالتزام بها.

وكان الفقهاء مبجلين، وإن كانوا رجال علم وعمل؛ فقد كانوا يشرفون على صناعات أخرى. والمتتبع لرجال الدولة الموحدية وعلمائها يلاحظ حرصهم على الحفاظ على سنّة رسول الله في أمورهم كلها سواء السياسية أو المعاشية.

* المطلب الثاني *: المجال السياسي

لقد كانت المؤسسات السياسية في الدولة الموحدية منظمة بحيث توزع الصلاحيات والمهام عبر نظام المراتب، وتصف كتب التاريخ هذا البناء من أنه "يتكون من السادة، وهم: أعضاء الأسرة الحاكمة، ومنهم الخليفة وإخوانه وأخواته وأقاربه. ويقرب منهم "الأشياخ"، والحفّاظ، وأهل الخمسين، وهم خمسون من الأولين الذين بايعوه من أهل القبائل، وأهل الجماعة، وهم من كان يخصهم الخليفة للتشاور، وطلبة الحضر، وهم العلماء الوافدون، وطلبة الموحدين، ومنهم تتكون أطر المملكة؛ فمنهم القضاة والعمال والأمناء والعشارون والمقدمون، ومنهم المجنّدون في الجيش للجهاد، فجماعة العشرة كانت تشبه في عصرنا اليوم هيئة مجلس الوزراء، وجماعة الخمسين تشبه أعضاء مجلس الشيوخ، وجماعة السبعين تشبه مجلس النواب في الحكومات البرلمانية. وكان هذا النظام هو الأساس الذي قامت عليه الدولة الموحدية" (٢).

وتعتمد الدولة على الزكوات والجبايات والغنائم والمصادرات وغيرها


(١) المن بالإمامة: ١٦٥.
(٢) الدولة الموحدية بالمغرب في عهد عبد المؤمن بن علي: ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>