لقد أفاضت كتب التاريخ في وصف عصر الدولة الموحدية، وتناولت بالتحليل كل أطوار هذه الدولة منذ قيامها وحتى سقوطها، مرورًا بأوجّ عظمتها، واستغرقت التصانيف في ذكر أمجادها وآثارها، وأهم الشخصيات التي صبغت هذا العصر ببصماتها. ومن هذه الكتب نجد كتاب "المن بالإمامة" لعبد الملك بن صاحب الصلاة المتوفى (سنة ٥٩٤ هـ)، وكتاب "البيان المغرب" لابن عذارى المراكشي، و"تاريخ ابن خلدون".
وقد دأبت على تتبُّع أطوار الحياة الخاصة بأمراء الموحدين، وشؤون الدولة وعامة الناس في عهدهم سواء في المغرب أو في الأندلس، وتتبّعت جميع مآثرها سواء في الميدان السياسي أو الفكري أو الديني أو الاجتماعي، وذكرت الحروب والفتوحات التي خاضتها. وكل ذلك من أجل توضيح الصورة الحقيقية لهذه الدولة، والتي اتسمت بالقوة على عهد الملوك الموحدين جميعًا وبالازدهار الذي نعم به المغرب والأندلس.
فقد تأسست الدولة الموحدية على محمد بن تومرت الهرغي الملقب بالمهدي (١) سنة (٥٠٠ هـ) الذي دعا إلى التوحيد وادعى المهدوية، على إثر التدهور الذي بدأ يتسرّب إلى الدولة المرابطية آنذاك، مما دفعه إلى إنكار أشياء كثيرة على المرابطين، ذهب إلى حدّ تبديعهم في بعضها، وأقام العقيدة الموحدية القائمة على الإصلاح الديني، مما أثار حمية المغاربة، من ثم التفوا حوله وأيدوه.
(١) ينسب إلى آل البيت، من جنفيسة، ولد سنة (٤٧٤ هـ) وتوفي بالمغرب سنة (٥٢٤ هـ)؛ جذوة الاقتباس: ١/ ٢٠٥.