للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ زِيَادَةِ الصِّفَاتِ (١)

ط: "سَمَّى ابنُ قُتَيْبَةَ فِي هَذِهِ الأَبْوَابِ حُرُوفَ الجَرِّ صِفَاتٍ، وَهِيَ عِبَارَةٌ كُوفِيَّةٌ لَا بَصْرِيَّةٌ وَإِنَّمَا سَمَّوْهَا صِفَاتٍ لأَنَّهَا تَنُوبُ مَنَابَ الصِّفَاتِ وَتَحُلُّ مَحَلَّها. إِذَا قُلْتَ: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الكُوفَةِ، وَرَأَيْتُ رَجُلًا فِي الدَّارِ. فَالمَعْنَى: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ كَائِنٍ مِنْ أَهْلِ الكُوفَةِ، وَرَأَيْتُ رَجُلًا مُسْتَقِرًا فِي الدَّارِ.

وَحُرُوفُ الجَرِّ تَنْقَسِمُ مِنْ طَرِيقِ الزِّيَادَةِ وَغَيْرِ الزِّيَادَةِ ثَلَاثَةُ أَقْسَام: قِسْمٌ لَا خِلَافَ بَيْنَ النَّحْوِيينَ فِي أَنَّهُ غَيْرُ زَائِدٍ، وَقِسْمُ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّهُ زَائِدٌ، وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَيْهِ لِشُذُوذِ قَائِلِهِ عَمَّا عَلَيْهِ الجُمْهُورُ، وَقِسْمٌ ثَالِثٌ فِيهِ خِلَافٌ.

وَإِنَّمَا خَصَّصْنَا البَاءَ بِالذِّكْرِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ حُروفِ الجَرِّ، لأَنَّ ابن قتيبةَ لَمْ يَذْكُرْ فِي هَذَا حَرْفًا غَيْرَ البَاءِ إِلَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ بَيْتٍ حُمَيْدٍ (٢) فِي آخِرِ البَابِ، فَالبَاءَاتُ الَّتِي لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِيهَا إِنَّهَا زَائِدَةٌ تِسْعَةُ أَنْوَاعٍ:

* مِنْهَا: البَاءُ الَّتِي لَا يَصِلُ الفِعْلُ إِلَى مَعْمُولِهِ إِلَّا بِهَا، كَقَوْلِكَ: مَرَرْتُ بِزَيْدٍ. وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي تُسَمَّى بَاءَ الإِلْصَاقِ وَبَاءَ التَّعْدِيَةِ.

* وَمِنْهَا البَاءُ الَّتِي تَدْخُلُ عَلَى الاسْمِ المُتَوَسِّطِ بَيْنَ العَامِلِ وَمَعْمُولِهِ كَقَوْلِكَ: ضَرَبْتُ بِالسَّوْطِ زَيْدًا، وَكَتَبْتُ بِالقَلَم الكِتَابَ، وَشَرِبْتُ بِالمَاءِ الدَّوَاءَ، وَهَذِهِ البَاءُ هِيَ الَّتِي تُسَمَّى بَاءَ الاسْتِعَانَةِ، وَالفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الأُولَى، أَنَّ الفِعْلَ


(١) أدب الكتّاب: ٤٥٢٠.
(٢) أنشده في أدب الكتّاب: ٥٢٣. وهو:
أبى الله إلا أن سرحة مالك … على كل أفنان العضاه تروق
ديوانه: ٤١؛ الخزانة: ٢/ ١٩٣؛ شرح أبيات المغني: ٣/ ٢٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>